لا شك أن تنظيم شوارع مدينة طرابلس، العاصمة الاقتصادية الثانية للبنان، يعد من أولويات إدارة المدينة. فقد تحولت شوارعها وأرصفاتها، بما في ذلك أرصفة الميناء والكورنيش البحري، إلى مناطق مزدحمة بالمخالفات جراء انتشار البسطات والكيوسكات وعربات بيع الخضار. هذه الأنشطة أصبحت مصدر رزق لعدد كبير من العائلات الفقيرة التي تفتقر إلى فرص عمل ثابتة في ظل الأزمات الاقتصادية المعيشية التي يعاني منها معظم المواطنين.
الانتشار الواسع للبسطات والكيوسكات: ضرورة التنظيم أم تحديات اجتماعية؟
شهدت طرابلس في السنوات الأخيرة تزايدًا في ظاهرة البسطات والكيوسكات التي انتشرت في كل زاوية من المدينة، ما تسبب في العديد من المشاكل، من بينها تشويه المظهر العام للمدينة وعرقلة حركة السير. إن هذه الظاهرة تتطلب تدخلًا عاجلًا من السلطات المحلية لإيجاد حلول عملية تضمن تنظيم هذا القطاع غير الرسمي.
حملات إزالة المخالفات: تدابير قاسية أم ضرورة لحل الأزمة؟
في محاولة للحد من هذه الظاهرة، أطلقت البلديات في طرابلس وضواحيها حملات واسعة لإزالة المخالفات المتعلقة بالبسطات والكيوسكات، بما في ذلك إزالة التعديات على الأملاك العامة والطرقات. إلا أن هذه الحملة، على الرغم من أهميتها، أظهرت تأثيرات سلبية على العديد من العائلات التي تعتمد بشكل رئيسي على هذه الأنشطة كمصدر رزق. فقد أفادت التقارير أن بعض الأشخاص الذين يعملون في هذه البسطات قد فقدوا مصدر دخلهم بشكل مفاجئ، ما زاد من معاناتهم في وقت تزداد فيه نسبة البطالة وتدهور الأوضاع المعيشية.
التأثير على الفئات الفقيرة: بين الحاجة للعمل والضغوط الاجتماعية
فقد أصبح العديد من المواطنين، وخاصة الشباب، يتجهون إلى أساليب ملتوية لتأمين احتياجاتهم اليومية نتيجة للبطالة وغلاء المعيشة. ومع غياب فرص العمل الرسمية، تمثل هذه الأنشطة غير الرسمية في الشوارع وسيلة حيوية للبقاء على قيد الحياة. لذا، فإن الحملة التي تسعى إلى إزالة هذه الأنشطة، دون التفكير في إيجاد بدائل مناسبة، قد تؤدي إلى تدمير مصادر رزق عشرات العائلات.
العدالة في تطبيق التدابير: ضرورة اتخاذ حلول منصفة
رغم أهمية إزالة المخالفات وتنظيم الشوارع، فإن العديد من الفاعليات المحلية في طرابلس تؤكد على ضرورة أن تكون هذه التدابير عادلة ومتوازنة. بل يجب أن تشمل دراسة ميدانية تأخذ في الاعتبار تأثير القرارات على الأسر الفقيرة التي تعتمد على هذه الأنشطة في معيشتها. كما أن بعض الفاعليات أشاروا إلى ضرورة أن يكون هناك تنظيم مدني إداري شامل يراعي الواقع الجديد في المدينة، مع ضرورة فرض قوانين منصفة لجميع الأطراف.
تنظيم مواقف السيارات والمطاعم: ضرورة التنسيق بين المصالح العامة والخاصة
في هذا السياق، أشار بعض الفاعليات إلى مشكلة أخرى تتمثل في ازدحام الشوارع، خاصة في مناطق مثل الضم والفرز، حيث تزدحم الأرصفة بسيارات أصحاب المطاعم والمقاهي التي تستوفي رسومًا مالية من الزبائن مقابل وقوف سياراتهم. هذه الظاهرة قد تسببت في العديد من المشكلات المتعلقة بتعطيل حركة السير، لذا يطالب المواطنون بتطبيق خطة تنظيمية شاملة تضمن توفير مواقف سيارات منظمة بما لا يعرقل حركة المرور.
المطلب الرئيس: تنظيم الأنشطة التجارية دون المساس برزق المواطنين
من وجهة نظر الأوساط المحلية، من غير الجائز مصادرة بسطات وكيوسكات التي تشكل مصدر دخل لمئات العائلات. بدلًا من ذلك، يجب العمل على تنظيم هذا القطاع بشكل يتناسب مع القوانين المحلية ويحافظ على حقوق المواطنين ويضمن المصلحة العامة. فإن الحل يكمن في تبني خطة تنظيمية توازن بين التنظيم والحفاظ على حقوق الفقراء، بحيث يتم توفير بدائل تحقق العدالة الاجتماعية دون المساس بمصادر رزق الأسر.
المصدر: دموع الأسمر – الديار
International Scopes – سكوبات عالمية إجعل موقعنا خيارك ومصدرك الأنسب للأخبار المحلية والعربية والعالمية على أنواعها بالإضافة الى نشر مجموعة لا بأس بها من الوظائف الشاغرة في لبنان والشرق الأوسط والعالم