سيارات
سيارات

“من المعاينة المتوقفة إلى البنى التحتية المهترئة: أسباب الكارثة المرورية بالأرقام”

أسباب الكارثة المرورية بالأرقام

في لبنان، أصبح السير أكثر من مجرد عملية تنقل يومية، بل مغامرة محفوفة بالمخاطر، حيث تشهد الطرقات منذ سنوات معدلات مرتفعة من الحوادث المرورية التي تترك وراءها قتلى وجرحى وعائلات مفجوعة، بالإضافة إلى كلفة اقتصادية واجتماعية ضخمة. تتكرر المشاهد المأساوية يومياً بين سيارات محطمة، دراجات نارية ملقاة على الطرقات، وصوت صافرات الإسعاف يرافق تنقل اللبنانيين بين مدنهم وقراهم.

تتعدد أسباب النزيف البشري على الطرقات، بدءاً من الانتشار العشوائي للدراجات النارية غير المرخصة والقيادة بدون خوذ في ظل غياب الوعي، مروراً بـ سوء البنى التحتية المليئة بالحفر وغياب الإنارة والإشارات والأرصفة والحواجز، وصولاً إلى ضعف تطبيق القوانين والرقابة، مما يتيح للمخالفين الاستمرار في القيادة المتهورة وكأن القانون حبر على ورق. إلى جانب ذلك، الشاحنات الضخمة تسبب في ازدحامات قاتلة في أوقات الذروة، فيما دفعت الأزمة الاقتصادية الكثيرين إلى إهمال الصيانة أو العجز عن استيراد قطع الغيار. السرعة الزائدة تبقى عاملاً مضاعفًا للخطر في ظل غياب أو تباطؤ عمل رادارات السرعة.

ويضاف إلى هذه العوامل غياب المعاينة الميكانيكية المنتظمة منذ سنوات، ما أدى إلى فقد أكثر من 450 عاملاً وموظفًا مصدر رزقهم بسبب إغلاق المراكز. وبقاء آلاف المركبات غير الصالحة للسير دون أي فحص للسلامة يجعل الطرقات ساحة مفتوحة للمخاطر اليومية. هذا الأمر وضع الحوادث المرورية ضمن أسباب الوفيات البارزة في البلاد خلال السنوات الأخيرة.

منذ أيار 2022 توقفت مراكز المعاينة الميكانيكية عن العمل بسبب قرار رسمي، والذي وصف حينها بـ المؤقت، إلا أنه لا يزال سارياً، ما يعني أن السيارات تسير من دون التأكد من فعالية مكابحها وإطاراتها وأنظمتها الأساسية. يرى خبراء المرور أن غياب هذه المعاينة يُعدّ من أبرز العوامل التي تُفاقم الحوادث ويعتبرونه “تفريطًا بأرواح الناس تحت عنوان الخلافات الإدارية والمالية”.

في هذا السياق، طالب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر وزير الداخلية والبلديات بضرورة إعادة إطلاق المعاينة الميكانيكية الغائبة منذ ثلاث سنوات. وأكد أن المفاوضات كانت قد اقتربت من الحل في كانون الأول 2023 بعد أن أتمت هيئة الشراء العام كافة التدابير اللازمة، إلا أن العملية توقفت.

من جانب آخر، أشار تقرير جمعية “يازا” للسلامة المرورية إلى أن أكثر من 40 شخصًا لقوا حتفهم على الطرق في لبنان خلال آب الماضي فقط، إضافة إلى عشرات الجرحى الذين لا يزالون يتلقون العلاج. وحذرت الجمعية من أن استمرار هذا المعدل قد يؤدي إلى ألف ضحية سنوياً، ما يشكل كارثة وطنية بكل المقاييس.

نجيب شوفاني، النقيب الأسبق لخبراء السير في لبنان، أكد أن بداية شهر تموز شهدت خمسة أيام جهنمية حيث كان الصليب الأحمر ينقل حوالي 50 جريحًا كل يوم. في الأشهر الستة الأولى من 2024، بلغ عدد الإصابات 5400، بينها 154 قتيلًا، أما في 2025 فقد ارتفع العدد إلى 6000 إصابة، بينها 207 قتلى.

هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل حكايات مأساوية لعائلات فقدت أبناءها بسبب التهور أو الإهمال، وتؤكد على ضرورة تعزيز إجراءات السلامة على الطرقات، وتنفيذ حملات توعية شاملة للحد من هذه المآسي المتكررة.

خبراء السلامة المرورية يرون أن وقف نزيف الطرقات ليس أمراً مستحيلاً، بل يتطلب خطة شاملة تبدأ بإجراءات فورية خلال 30 إلى 90 يومًا تشمل إعادة تفعيل المعاينة الميكانيكية، وتنظيم سير الشاحنات، إضافة إلى حملات توعية ومكافحة السرعة والدراجات النارية غير المرخصة.

أما على المدى المتوسط، يتم اقتراح إنشاء نظام ترخيص ومراقبة إلكتروني يربط قواعد بيانات المركبات والسائقين، إلى جانب برنامج لتجديد أسطول باصات المدارس.

وعلى المدى الطويل، تشمل الخطة تحسين البنى التحتية من طرق وإنارة وتقاطعات ذكية، وإقرار قانون مروري محدث يشمل نظام النقاط وتشديد العقوبات.

جمعية اليازا طالبت أيضاً برفع قيمة الغرامات بما يتناسب مع تدهور قيمة العملة الوطنية، مع مضاعفتها في حال تكرار المخالفات، وتشديد ملاحقة منظمي السباقات العشوائية.

تقرير منظمة الأمم المتحدة أشار إلى أن حوادث المرور في العالم تخلّف أكثر من مليون ونصف مليون قتيل سنويًا، إضافة إلى خمسين مليون جريح أو معاق، وتكلفة اقتصادية تقدر بحوالى 518 مليار دولار سنوياً. في المنطقة العربية، الخسائر البشرية جراء الحوادث هي 26 ألف قتيل سنوياً، إضافة إلى خسائر مادية تقدر بـ 60 مليار دولار سنوياً.


المصدر: ربى أبو فاضل – الديار

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات

هكذا افتتح تحديث اسعار المحروقات اليوم الإثنين في لبنان

أسعار المحروقات في لبنان اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *