وطن لبنان
وطن لبنان

بَيع البلد: الحل الأخير أمام الدولة

كان من المفترض أن تلتزم المنظومة الحاكمة بمسار مؤتمرات الارتهان الدولية، التي هدفت إلى شراء لبنان بأرخص الأثمان، تدريجياً، وذلك عن طريق خصخصة مجحفة لا تراعي الأصول العلمية التي تبتغيها الخصخصة الفعّالة. إلاّ أنَّ الصراعات التحاصصية بين أركان المنظومة أعطت المجتمع الدولي ومؤسساته المالية والنقدية، بطاقات عبور مجانية نحو أصول الدولة. فأصبحت الخصخصة الهدّامة ملاذاً آمناً للمنظومة، يقيها شرور الغضب الشعبي والمساءلة القانونية عمّا اقترفته من جرائم بحق المال العام.

رؤية محاسبية لا استراتيجية
حاولت المنظومة عدم الاعتراف بحجم الأزمة التي أوصلت إليها البلاد، لكنّها سلَّمَت لاحقاً بعمق الأزمة، تحت وطأة الضغط الشعبي. ومع ذلك، احتفظت لنفسها بهامش المناورة وعدم إجراء الإصلاحات الهيكلية الضرورية للشروع بالخروج من الأزمة. علماً أن المجتمع الدولي الذي استنجدت به المنظومة مراراً لمساعدتها، اشترط إجراء تلك الإصلاحات. بلا جدوى.

الحل الوحيد الذي استخلصته المنظومة من المؤتمرات الدولية، ووصايا صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، هو الخصخصة الشاملة، التي تبتغي بيع أصول الدولة بهدف سد أكبر قدر من الفجوات الاقتصادية والمالية، التي تنخر بنية النظام الاقتصادي والمالي.
هذه الخلاصة ليست سوى نظرة محاسبية للخصخصة، لا ترى سوى تعويض الخسائر رقمياً، وإن كانت النتيجة تنازلاً كاملاً عن أصول الدولة، من عقارات ومؤسسات وبنى تحتية وما إلى ذلك. وهو ما يتناقض تماماً مع الحاجة الأساسية للبنان، وهي خصخصة “تضمن الرفاهية المستدامة للسكان مع الحفاظ على ملكية الدولة لأصولها”، وفق ما يؤكده الصحافي والاقتصادي ألبير كوستانيان، الذي يشير في حديث لـ”المدن” إلى أن الخصخصة المطروحة راهناً “يمكن أن تعرّض للخطر فرص البلاد في استئناف النمو المستدام”.

النظرة المحاسبية لا تستدعي برأي كوستانيان “موقفاً عاماً ضد الخصخصة”، وإنما تستدعي نقل المشهد نحو خصخصة تقارب “تحسين الخدمة العامة”، لأن ما سيتم خصخصته هو “مؤسسات ومرافق عامة تقدّم خدمات للمواطنين. ولذلك يجب ان تضمن الخصخصة حقوق المواطنين، وأهمها خدمات أوفر وأفضل مما يتم تقديمه اليوم”.
وهذه المقاربة، كما يقول كوستانيان، هي الرسالة الأساسية للدراسة التي أعدَّها تحت عنوان “خصخصة الأصول اللبنانية العامة: لا يوجد حل معجزة للأزمة”. كما أن الرسالة الأخرى هي “ضمان تطبيق الشروط التي تسبق الخصخصة، كي لا تذهب الأصول إلى جماعة من الفاسدين المرتبطين بالسياسيين”. ولذلك، على الخصخصة أن تنطلق من “استراتيجية وطنية”.
علماً أن الانطلاق نحو الخصخصة من ناحية محاسبية فقط، يحمل تناقضاته بداخله. فما تهدف المنظومة إلى تحقيقه من الخصخصة هو “إجمالي إيرادات محتملة تتراوح بين 6 مليار دولار واقعياً و13 مليار دولار في حال ارتفاع سيناريو التوقعات”. وهي أرقام غير كافية لاخراج لبنان من الأزمة.

محو الأدلة
ما يقدّمه الخبراء وتؤكده التجربة، تعلمه المنظومة ومعها المؤسسات الدولية. لكن الحاجة إلى خصخصة شاملة بلا أهداف وطنية اجتماعية، ينبع من ضرورة إخفاء أدلة الجريمة التي اقترفتها المنظومة على مدى 30 عاماً. فالإصلاح يُبقي على الأصول وما تحويه من تاريخ للمنظومة، فيما بيعها يقطع مسار التاريخ ويحوّل الأصول إلى مؤسسات ذات هوية أخرى، لا علاقة لها بما سبق من دولة وفساد وفاسدين.

ولو كان الهدف إصلاحياً، لاتّعَظت المنظومة من اليونان، ذلك البلد الذي رفض الانزلاق إلى لعبة صندوق النقد والبنك الدولي، وسدّ الأفق أمام نهوضه، فلعِب على حافة الهاوية، مازجاً بين وجهات النظر المتعددة للخصخصة. وقد أثنى كوستانيان على التجربة اليونانية داعياً إلى اعتمادها في لبنان، أو إلى التنبّه لها وعدم السير بما رفضته التجربة.

أيضاً، إن تفاقم الأوضاع سوءاً، يصب في صالح المنظومة، لأن ذلك يضيّق احتمالات المناورة وهامش رفض الاملاءات الخارجية. وليس من قبيل المصادفة تأكيد مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، أن لبنان وصل في بعض الأمور إلى حائط مسدود. فهذا التوصيف السلبي، يريح الصندوق والبنك، ويُجلِسهما منتظرين قدوم المنظومة لتقديم أصول الدولة على طبق من ذهب، بلا قيد أو شرط. فتكون الخصخصة الحل الأخير أمام المنظومة لمحو آثار سياساتها، من دون تكبّد عناء دفع الثمن وإجراء إصلاحات تؤدّي إلى صوغ اقتصادٍ منتج.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إليكم تحديث اسعار المحروقات اليوم السبت في لبنان

أسعار المحروقات في لبنان اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *