خواتيم الهدوء
خواتيم الهدوء

خواتيم هدوء الدولار: عاصفة بعد “اختفاء” 7 مليارات من مصرف لبنان

كتب عبادة اللدن…

نجحت البنوك في ليّ ذراع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فأسقطت محاولته الحدّ من إمدادها بالسيولة النقدية بالليرة، لكن السؤال يدور حول سبب هذا الاشتباك، في ظلّ انكشاف ثقب أسود اختفى فيه 7.3 مليار دولار من احتياطات مصرف لبنان الأجنبية منذ تموز الفائت.

البيان الصادر عن جمعية المصارف ربط بشكل صريح بين العودة إلى “تأمين السيولة النقدية بالليرة اللبنانية للسوق بشكل طبيعي وفق ما جرت العادة خلال الفترة الماضية” و”تأكيد مصرف لبنان استمراره في إمداد المصارف بالسيولة النقدية كالمعتاد”.

كانت المشكلة قد بدأت حين وضع مصرف لبنان سقوفاً لسحوبات المصارف من حساباتها الجارية لديه، وعند تخطّي هذه السقوف تحتسب المبالغ المطلوبة من حساباتها المجمّدة. كما ألزم مصرف لبنان البنوك بإيداع قيمة الدولارات التي يوفّرها المصرف المركزي للاستيراد، بالليرة اللبنانية نقداً (banknote).

ردّت البنوك بتحويل هذا الضغط إلى العملاء، من خلال وضع سقوف قاسية على السحوبات بالليرة، ربما لدفع مصرف لبنان إلى التراجع، وهكذا كان. ويتردّد أنّ مصرف لبنان تلقّى نصيحة بعد ذلك من مرجع أمني بأن توقيت فرض هذه السقوف سيّئ للغاية في الذكرى السنوية لثورة 17 تشرين. فتراجع وتراجعت البنوك.

لكن لماذا اتخذ مصرف لبنان خطوة تقنين السيولة أساساً؟

الكلام الشائع عن لجم التضخم والحدّ من الكتلة النقدية المنفلشة لا يستقيم. فصحيح أنّ النقد المتداول تجاوز 20 ألف مليار ليرة، وبات يعادل أربعة أضعاف ما كان عليه قبل سنة، لكن القيمة الحقيقية لهذه الكتلة، أي ما تعادله من سلع وخدمات، أقل بكثير مما كانت عليه عشية انطلاق ثورة 17 تشرين. لذا، ليس من العلم في شيء محاولة إعادة مارد التضخم إلى قمقمه من خلال جمع أوراق العملة من السوق!

الأرجح أنّ مصرف لبنان يتحضّر لما هو أسوأ.

فبعد صيف هادئ للدولار في السوق السوداء، تشيع تحرّكات مصرف لبنان بعاصفة آتية، سواء من خلال التسريبات عن قرب رفع الدعم، أو المعركة الأخيرة مع البنوك في شأن القيود على السحوبات بالليرة.

 

في مطلع شهر تموز، فُتح مطار رفيق الحريري، وأتى المغتربون بالدولارات الطازجة، بعد أن منعتهم تعاميم مصرف لبنان من إرسالها عبر شركات تحويل الأموال، وكان من البديهي أن يخفّف ذلك الضغط على احتياطيات مصرف لبنان، لكن ما حدث هو العكس تماماً، وبوتيرة صاعقة.

فبين بداية شهر تموز ومنتصف تشرين الأول الجاري، فقد مصرف لبنان 7.3 مليار دولار من احتياطياته، من ضمنها 5.2 مليار دولار من احتياطاته السائلة بالعملة الأجنبية، وأكثر من ملياري دولار من محفظة الأوراق المالية التي هي في الغالب سندات خزينة أميركية.

الغريب أنّ هذه المليارات الهائلة لم تذهب لدعم استيراد المواد الغذائية والوقود والأدوية، ولا لدعم سعر صرف الليرة، ولا لتمويل الميزانية، بل ذهبت إلى مكان آخر ينبئ بأن مصرف لبنان يمسك بيديه عبوة ناسفة قابلة للانفجار في أية لحظة.

فبيانات التجارة الخارجية تشير إلى أنّ عجز الميزان التجاري كان معدّله 590 مليون دولار شهرياً في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي. وعلى افتراض أنه حافظ على المعدّل نفسه، فإنه في الغالب لم يتجاوز ملياري دولار بين بداية تموز ومنتصف تشرين الأول. ومن المؤكد أنّ أموال المغتربين التي تدفقت صيفاً، فضلاً عن أموال المساعدات الواردة بعد انفجار مرفأ بين في الرابع من آب، عوّضت جزءاً من هذا العجز. لكن لنفترض أنّ مصرف لبنان موّل العجز التجاري خلال هذه الفترة بالكامل، وهو ما لم يحصل، يبقى هناك ثقب أسود حجمه 5.3 مليار دولار، ينبغي على مصرف لبنان أن يفسر أين ذهبت؟.

وثمة زاوية أخرى لمعاينة الثقب. فقد كان معدّل العجز في ميزان المدفوعات في النصف الأول من السنة لا يتجاوز 414 مليون دولار شهرياً، بسبب تقلّص الاستهلاك والقيود على التحويلات إلى الخارج. لكن ما حدث في تموز كان مفاجئاً، إذ قفز عجز ميزان المدفوعات إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار خلال شهر واحد، أي أكثر من عجز الأشهر الستة السابقة مجتمعة بنصف مليار دولار، بينما كان العجز التجاري في الشهر نفسه أقل من 550 مليون دولار. أي أنّ 2.5 مليار دولار خرجت من البلاد لأسباب لا تتعلّق بالاستيراد.

أين ذهبت مليارات مصرف لبنان؟ أحد التفسيرات المتداولة أنه سدّد وديعة أجنبية كان حصل عليها قبل اشتداد الأزمة، وهو تفسير معقول، لكن الرقم المفقود يبقى أكبر. ولذلك، يرجح أنّ للأمر علاقة بسداد استحقاقات للبنوك المحلية أيضاً. فقد درجت العادة أن يجدّد مصرف لبنان ودائع البنوك المجمّدة أو يسدّد لها بالليرة بدلاً من الدولار. أي أنّ مصرف لبنان يحبس أموال البنوك كما تحبس البنوك أموال البنوك. وأثار الأمر غضباً من بنوك كبيرة كانت تعتقد أنّ الإيداع لدى مصرف لبنان أكثر أمانا من الاستثمار في سندات الخزينة واليوروبوندز الحكومية. لكن خلال الأشهر الماضية، بدا أن مستويات السيولة تحسنت لدى البنوك، ما قد يشير إلى مصرف لبنان وفّر لها شيئاً من السيولة الدولارية لتستخدمها في تغطية المراكز المكشوفة لدى البنوك الأجنبية المراسلة، لئلا تؤدي إلى شلّ حركة الاستيراد بالكامل.

الخطير في الأمر أنّ المليارات السبع استنفدت قدرات مصرف لبنان ودولاراته، ولم يعد بإمكانه ضخّ المزيد لتمويل الاستيراد أو معالجة المراكز المكشوفة، إلا اذا شاء أن يمدّ يده إلى أموال المودعين. وهذا ما يفسّر تحذيره من أنه سيوقف الدعم. فالمصرف المركزي مدين للبنوك المحلية بودائع تتجاوز قيمتها 112 مليار دولار، ما لا يقل 65 في المئة منها بالدولار، بينما السيولة الدولارية لديه لا تتجاوز بضع مئات من الملايين، إذا ما استثنينا الاحتياطي الإلزامي المجمّد مقابل الودائع المصرفية.

المشكلة أنّ مصرف لبنان لا يكشف معلومات عن هيكل سلّم استحقاقاته. ولذا، ليس بوسع الناس أن يعرفوا إن كان مصرف لبنان عاجزاً عن السداد، لكن بإمكانهم أن يلمسوا ذلك عما قريب إذا جنّ جنون الدولار، وتعطّل استيراد السلع الأساسية.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إليكم تحديث اسعار المحروقات اليوم السبت في لبنان

أسعار المحروقات في لبنان اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *