من القضايا الشائكة التي ما زالت عالقة بين صندوق النقد الدولي واللجنة الثلاثية، تلك المتعلقة بالديون المسجلة على الدولة لدى مصرف لبنان، والتي تقدر بحوالي 16.5 مليار دولار. ورغم ميل الدولة للاعتراف بهذا الدين، خاصةً وأن المشكلة تتعلق بالعلاقة بين الدولة ومصرفها المركزي، إلا أن صندوق النقد الدولي كان له موقف متحفظ بشأن هذه القضية.
استفز هذا الموقف حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، الذي كان قد أجرى دراسة قانونية لهذه القضية، وعندما اقتنع بقانونية هذا الدين، قرر تضمينه في ميزانية مصرف لبنان والدفاع عن هذا الحق بكل السبل المتاحة. حاول سعيد إقناع صندوق النقد الدولي بنقطتين أساسيتين:
-
قانونية الدين: وأوضح سعيد أنه لا يوجد أي لبس حول تأخير ظهور هذا الدين في ميزانيات مصرف لبنان.
-
المصلحة المشتركة: شرح سعيد أن شطب هذا الدين سيؤدي إلى تعقيد مفاوضات الدولة مع حملة اليوروبوندز. ففي حال كانت الدولة خالية من الديون، سيتعين عليها دفع نسبة أعلى للمقرضين لإتمام صفقة إعادة هيكلة الدين، بينما في حالة الاعتراف بالديون، تكون الدولة في وضعية اقتصادية تمكنها من التفاوض بشكل أفضل.
كما أشار سعيد إلى أن اعتراف الدولة بهذا الدين سيساهم في تجنب مطالبة مصرف لبنان لها بتطبيق المادة 113 من قانون النقد والتسليف، وبالتالي يمكنه الوفاء بالتزاماته المالية تجاه المصارف، التي بدورها ستتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه المودعين.
ومع ذلك، رغم المحاولات الكثيرة، استمر صندوق النقد في إصراره على شطب هذا الدين من سجلّات الدولة، مما أثار العديد من التساؤلات حول خلفيات هذا الموقف. وأشار البعض إلى أن صندوق النقد لم يمانع في أن تلتزم الدولة بالمساهمة في رسملة مصرف لبنان، حيث جرى الحديث عن مبلغ 5 مليارات دولار.
ورغم ذلك، لم تُغلق القضية بعد. وبعد التصادم مع وفد صندوق النقد أثناء زيارته إلى بيروت، تم الاتفاق على تعيين مدقق حسابات دولي (auditor) سيقوم بمراجعة حسابات وزارة المالية ومصرف لبنان، وبالتحديد الحساب رقم 36، الذي تم فتحه لتحويل عائدات اليوروبوندز إلى الدولة. سيتولى المدقق تحديد وضعية هذا الحساب منذ إنشائه حتى بداية النزاع حول القرض، وتحديد ما إذا كانت الدولة قد سحبت هذه الأموال وفقًا للقوانين الحالية، أو ما إذا كان يجب أن تتم عملية swap لتحويل هذا القرض إلى الليرة اللبنانية.
يعتقد البعض أن المدقق سيكون بمثابة “وسيط دولي” بين الدولة ومصرف لبنان، حيث سيعمل على تحديد الحقائق المالية المتعلقة بهذا النزاع.
وفي جميع الأحوال، بغض النظر عن النتيجة التي قد يصل إليها تقرير المدقق الدولي، ستكون النتيجة واحدة: مصرف لبنان، بإدارته الحالية، يهدف إلى تحقيق فائض في الموازنة، ويريد أن يكون قادرًا على دفع التزاماته تجاه المصارف. وبالتالي، سيكون على الدولة تنفيذ التزاماتها تجاه مصرفها المركزي، إما من خلال دفع الدين أو جزء منه، أو بتطبيق المادة 113 من قانون النقد والتسليف. وفي هذا السياق، ترفض إدارة مصرف لبنان تدخل صندوق النقد بين المركزي والمصارف التجارية، وهو الأمر الذي أكده حاكم المصرف، كريم سعيد، لجميع الأطراف المعنية.
المصدر: أنطوان فرح – نداء الوطن
International Scopes – سكوبات عالمية إجعل موقعنا خيارك ومصدرك الأنسب للأخبار المحلية والعربية والعالمية على أنواعها بالإضافة الى نشر مجموعة لا بأس بها من الوظائف الشاغرة في لبنان والشرق الأوسط والعالم