“مجزرة البيجر في لبنان: جرحى ومأساة مستمرة بعد تفجير الأجهزة – قصة نايفة والشهادات المروعة”

بعد مرور عام على مجزرة البيجر… جريحة تروي قصة الألم والمعاناة

لا تضع نايفة النظارات لتحجب الشمس، بل لحماية زوارها من منظر عينيها المدمرة. تقول عن نفسها: “لم يعد في عينيّ أي من البياض أو حتى شبكة القرنية”. تشرح مبتسمة أنها فقدت “الشبكة التي تربط بين القرنية والدماغ”.

مر عام كامل على التفجير الذي استهدف أجهزة البيجر في لبنان، وتحديداً في 17 أيلول 2024. في هذه الذكرى الأليمة، التقت “بي بي سي” بجريحة من التفجير وبعدد من المسؤولين لتسليط الضوء على تفاصيل تلك المأساة، التي اعتبرها العديد من الخبراء انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقد ترقى إلى جرائم حرب.

في منزلها، لا تزال تحتفظ نايفة بصورة قديمة لها من قبل الحادث: وجه مبتسم، عينان كبيرتان، وأصابع يديها المضمومة إلى حقيبتها. لكن اليوم، فقدت تلك الأصابع، وتحولت ملامح وجهها إلى ندوب وتشوهات، ما جعل الفارق بين الصورة والواقع صادماً للصحافي الذي قابلها. لم يستطع أن يتخيل أن الصورة تعود لنفس الشابة اليافعة.

نايفة، التي كانت تعمل مشرفة في مستشفى سان جورج التابع لمؤسسات حزب الله، كانت في لحظة انفجار جهاز البيجر، الذي تسلمته قبل عشرين يوماً. كانت تحاول قراءة رسالة وردت على الجهاز عندما اقتربته من عينيها، ليحدث الانفجار الذي غير حياتها للأبد، حيث فقدت بصرها وتعرضت لتشوهات في وجهها ويديها.

تروي نايفة، التي كانت مسؤولة عن التنسيق بين مختلف أقسام المستشفى، أن العمل كان يتطلب منها استلام الرسائل عبر جهاز البيجر والاتصال بالأقسام المختلفة من الهاتف الداخلي. لكن تلك اللحظة التي كانت فيها تقرأ رسالة تحولت إلى كابوس.

تفجيرات أجهزة البيجر أصابت آلاف الأشخاص في لبنان وسوريا، مما أدى إلى استشهاد 37 شخصاً وإصابة حوالي 3000 آخرين. من بين المصابين، كان هناك العديد من الأطباء والممرضين والطلاب الذين كانوا في موقع العمل أو التعليم. كما كانت الإصابات التي طالت العينين مروعة، إذ تم استئصال أو فقدان البصر لـ500 حالة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مسؤولية إسرائيل عن التفجيرات، التي وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها عشوائية وغير قانونية، داعية إلى تحقيق دولي مستقل في هذا الحادث.

أما في لبنان، فقد كانت ردود الفعل الرسمية والشعبية صادمة، حيث علّقت السلطات الأمنية استخدام أجهزة “الـ ووكي توكي” بعد الانفجار، وهو ما يعكس حجم الاختراق الأمني الذي تعرض له البلد.

رغم الجراح والتحديات، تواصل نايفة تلقي العلاج في مستشفى سان جورج بمساعدة والدتها، فيما تكفلت مؤسسة الجريح التابعة لحزب الله بنفقات العلاج. ورغم قسوة حالتها، ما زالت تتمسك بـ الإيمان، وتقول بثقة: “عقيدتنا هي سر قدرتنا على تقبّل الواقع”. ورغم كل الآلام، نايفة لا تفقد ابتسامتها، بل تضحك من قلبها عندما تقول عن المستشفى الذي عملت فيه: “تخيلي! لم يعودوا يستخدمون البيجر بعد الآن.”


المصدر: BBC

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

قوى الأمن الداخلي اللبناني

جريمة في الجناح: قوى الأمن توقف زوج اعتدى على زوجته حتى الموت تحت تأثير المخدرات.. وتقرير الطب الشرعي يكشف عن نزيف داخلي وإصابات خطيرة

وفاة مواطنة متأثرة بجروحها نتيجة الاعتداء أصدرت المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي بياناً كشفت فيه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *