الجمعة, أبريل 19, 2024
الرئيسيةأخبار محليةترسيم الحدود: محاصصة باسيل وميقاتي

ترسيم الحدود: محاصصة باسيل وميقاتي

- Advertisement -

مبدئياً، مجلس الوزراء ينعقد غداً الأربعاء وعلى جدول أعماله عشرة بنود أبرزها متعلق بملف الطاقة. ذلك يعني أن المواضيع المُلحّة قد “طارت” إلى أجل غير مسمّى، من بينها قضية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وبتّ التعديلات على المرسوم 6433. في هذا الخصوص، تتعمّد الحكومة ورئيسها “المراوغة”، وفي حالتنا الراهنة، تُعدّ “المراوغة” في حضور مندوب أميركي/ إسرائيلي وصاحب نزعة متشدّدة إزاء الملف وميل لتفضيل وجهة النظر الإسرائيلية على اللبنانية، ذات كلفة مرتفعة.

- Advertisement -

قبل أيام قليلة، وحين استعاد الوفد العسكري/التقني المفاوض برئاسة العميد بسّام ياسين نشاطه تجاه السياسيين والوزراء الجدد، نُقل عن أحد المراجع إبلاغه مسؤولاً على صلة بملف المفاوضات غير المباشرة، بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليس في وارد إدراج ملف الترسيم بنداً على جدول أعمال مجلس الوزراء، إن لم يحظ بإجماع سياسي، وكأن المرجع ينعي مسبقاً حراك الوفد.

- Advertisement -

هذا النعي تجسّد عملياً في كلام آخر ورد إلى قيادة الجيش بالتواتر، إذ نقل مصدر مسؤول إلى اليرزة أجواءً سلبية بما خصّ الترسيم لناحية تفضيل ميقاتي أن تؤول مهمة التدقيق في الخط الحدودي إلى شركة أجنبية (يُرجّح أنها بريطانية)، ذلك يعني حكماً الإستغناء عن خدمات الوفد اللبناني. يحدث ذلك كله فيما استحقاق التمديد لرئيس الوفد العميد بسّام ياسين، المُحال إلى التقاعد بعد يومين، يدخل مرحلةً ضبابيةً صعبة، نتيجة تبلور رفض لدى اتجاه سياسي محدّد لهذا التوجه، ما دفع بقائد الجيش العماد جوزف عون، إبلاغ من يعنيهم الأمر، أنه يتّجه إلى اتخاذ قرار بالإنسحاب من الوفد، يحمل مضمون حلّه، إن لم يُصار إلى التمديد لياسين.

وتستحوذ الشركة المفترضة على جانبٍ من الأهمية، وتقديمها في هذا التوقيت بالذات يطرح اسئلة عميقة: هل ستُكلّف هذه الشركة بتقديم دراسة تدافع فيها عن الحد الأقصى الممكن أن يطالب به لبنان، لتقوية الموقف اللبناني في المفاوضات، أم سيكون لها ارتباطات مشبوهة تقدّم خدمةً مدفوعة الثمن للعدو الإسرائيلي من أموال اللبنانيين، وتسوّق لخط “هوف “، خطاً مشابهاً، يقضم جزءاً من حقل قانا؟

في الواقع، تشهد الغرف السياسية إرتفاعاً حاداً في السجالات حول مصير الوفد، ولهذا انعكاس على السجال الداخلي/الخارجي حيال مستقبل الوفد وأدائه. وليس سراً أن ثمة جانبٍ داخلي مؤثّر، لا تعجبه طروحات الوفد لأنها تُعاكس التزاماته حيال الخارج وبالتالي يفضّل إنجاز تغييرات على صعيد هيكلية الوفد ومدّه بشخصيات ديبلوماسية / سياسية، وإعطائه طابعاً مدنياً أكثر. ولم يعد سراً أيضاً أن رئيس الجمهورية ميشال عون، ميّالٌ لهذا المذهب بدليل رغبته السابقة بتعيين أنطوان شقير رئيساً للوفد، بالإضافة إلى نزعة مشابهة يكنّها رئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل، وغيره طبعاً من بينهم رؤساء الحكومات السابقين، إذ يجد ميقاتي باباً للتحاصص مع باسيل، عبر تأمين عبور ممثلين سياسيين عنهما، بهويتين سياسية وديبلوماسية إلى الوفد، على أن تؤول المواقع الدنيا إلى الجيش. تغييرٌ وفق هذا النهج سيفتح الباب أمام إعادة النظر بالوفد، ويمهّد لخلق فجوة سياسية عميقة تؤدي لجنوح بعض الجهات السياسية المؤيدة لمبدأ الترسيم عنه، كذلك سيجعل من قيادة الجيش محرجة، وفي مكانٍ آخر مسلوبة الإرادة والقرار، لذلك لا معنى لوجودها من ضمن تركيبة وفد مماثل.

هذه الخلاصة وصلتها اليرزة في الحقيقة. أحد الشخصيات المتابعة للملف يقول صراحةً بأنه “لا معنى لوجودنا إن سُلب منا موقع القرار”. هو يقصد عملياً سلب موقع رئاسة الوفد وإحالته إلى ديبلوماسي أو سياسي. بهذا المعنى تُصبح جميع المواقف السابقة معرّضة للتغيير، وبطبيعة الحال، الجيش الذي أعلن أن خط الحدود تمثّله النقطة رقم 29، سيجد صعوبةً في مكان أن يكون ضمن تركيبة وفد، يجد منذ الآن في التراجع عن هذا الخط مصلحةً له!

لكن وبخلاف ذلك، قد يكون الجيش يقدم جائزة إلى أقرانه في السياسة. هؤلاء، دون أدنى شك، يعملون على محاولة إحراج الجيش، لتمرير أفكارهم والتزاماتهم طبعاً، يصبح إخراجه من معادلة الترسيم هدفاً منشوداً. بهذا المعنى وإن اختار الجيش الخروج، يصبح كأنه يخلي الساحة لهم، وبالتالي يكون شريكاً في تضييع حقوق اللبنانيين! وسط هذه المعمعة، تخرج أصوات تطالب قيادة الجيش بالتشدّد أكثر وعدم التهاون في تحويل الوفد إلى ديبلوماسي / سياسي، وبالتالي سحب فكرة الإنسحاب من التداول والإستعاضة عنها بـ “قرار بالإعتكاف” والذهاب نحو تنسيقه مع الجهات السياسية الرافضة لمبدأ تغيير هوية الوفد، والتي تتيح لها مصادر قوتها أن تخلق “لوبي ضغط”.

في مكان آخر، يبدو أن ثمة قناة جانبية قد افتُتحت رسمياً للتفاوض مع الأميركيين لا يمكن إعفاء السفير اللبناني في واشنطن منها، وهذه تمثّل انعكاساً لوجهة نظر داخلية باتت تخشى، ليس على حقوق لبنان، بل على التزاماتها تجاه الأميركيين. ويمكن القول في هذا الإتجاه أن قرار تجميد المفاوضات والبرودة اللبنانية التي واكبت في ظلها، كان من أهدافها “قتل” الملف لبنانياً وسحب الأوراق من الوفد المفاوض وإحباطه، وممارسة الضغط على لبنان الرسمي تمهيداً لتأمين تنازلات، لا تبدو وزارة الخارجية في حلّتها الجديدة بعيدة عنها.

في هذا الإتجاه، لا يبدو تعيين واشنطن للديبلوماسي أموس هوكشتاين، المتشدّد في نظرته إلى مسألة ترسيم الحدود اللبنانية والجندي المطيع الذي خدم في جيش الإحتلال سابقاً، مندوباً مراقباً ومسؤولاً عن الملف من الجانب الأميركي، منفصلاً عن سياق الضغوطات التي تُمارس على الداخل اللبناني. هوكشتاين الذي يذهب بعيداً في مشروع خلق إطارٍ تنسيقي حول أنابيب النفط والغاز بين دول المنطقة سيما المُطبّعة منها، والمُتبنّي لمبدأ “الآبار المشتركة” والتي تجد من يواكبها محلياً من قماشة زعيم ونائب وما دون، يجد من يواكبه في الداخل بدوره وحضوره ، إضافة إلى نضوج ظروف البعض لإدخال تغييرات بنيوية على صعيد تركيبة الوفد المفاوض تبدو متلازمة في المسارات ، وتذهب إلى منحها صبغة التصعيد بعد فترة من الركود، واندفاعة الأطراف السياسيين من متبنّي هذا المذهب تحرّكت فور تعيين المندوب الأميركي، بما يحيل الشك إلى يقين حول وجود تنسيق أو بالحد الأدنى تناغم في المواقف، ويعيد إلى الأذهان مدى الترابط الداخلي والدولي على صعيد النظرة لملف الترسيم ومدى الإرتباط بين المستويين والذي يصل في بعض الحالات إلى ارتكاب الخيانة بحق الملف.

– Advertisement –


– Advertisement –


قد يهمك أيضاً

– Advertisement –

مقالات ذات صلة

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الآن الى قناتنا على التلغرام للوظائف

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

أحدث المقالات

Translate »