لبنان سيعوم بالبنزين والمازوت… لا عذر بعد اليوم لإنقطاع الكهرباء

تبيّن للبنانيين بالتجربة الملموسة أن الكهرباء نعمة لا يمكن الإستغناء عنها. هذا الأمر لا يعرف قيمته من لم يُحرم من هذه النعمة على غرار ما هو حاصل عندنا في لبنان.
ولأن توليد الكهرباء يعتمد في لبنان بالدرجة الأولى على المحروقات فإن هذه المادة تُعتبر أيضًا نعمة لا يقدّرها إلاّ من حُرم منها،  ومن إضطرّ ويضطرّ إلى الإنتظار في الطوابير الطويلة لساعات للحصول على “تنكة” بنزين أو مازوت.

فأزمة الكهرباء في لبنان كلّفت الخزينة على مدى سنوات أكثر من أربعين مليار دولار. وبهذا المبلغ الخيالي كان يمكن بناء معامل إنتاج على الطاقة النظيفة، أقله على الغاز، الذي هو أقل كلفة من “الفيول”. وكان يمكن أن تكون هذه المعامل وسيلة ربح بدلًا من أن تكون الكهرباء بوضعها الحالي مصدر نقمة وإنهيار إقتصادي ومالي. وكان يمكن أيضًا أن يصدّر لبنان ما يفيض عنه من طاقة كهربائية بدلًا من إستجرارها من سوريا أو من الأردن.

ما فات قد فات. لا وقت للبكاء على الأطلال. لكن هذا لا يعني أن التحقيق الجنائي سيطويه النسيان. فمن تسبّب بهذه الأزمة الخانقة والقاتلة على مدى سنوات يجب أن يُحاسب، وأن يكون عبرة لمن يعتبر أو لا يعتبر.
الوقت هو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بأقل كلفة ممكنة وبأقل أضرار مقدّرة، وليس وقت محاسبة. فهذه المحاسبة سيأتي أوانها ولكن بعد الخروج من قعر الهاوية، وبعد إستعادة الأنفاس. الأولوية الراهنة هي للملمة الخسائر وتضميد الجراح وبلسمتها، إبتداء مما خلّفه إنفجار المرفأ من خسائر في الأرواح والماديات، وقد طال الخراب نصف العاصمة تقريبًا بشقّها الشرقي الشمالي، وأن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي من دون إستنسابية وإنتقائية، ووفق القوانين والمعطيات والأدلة والبراهين الدامغة، التي لا تقبل الشكّ أو الطعن بها.

بهذه الروحية تنطلق الحكومة الجديدة، وفق أولويات سيحدّدها البيان الوزراي، الذي سيتمّ الإنتهاء من التوافق على صيغته النهائية قبل عرضه على مجلس الوزراء لإقراره ورفعه إلى مجلس النواب لماقشته في جلسة قريبة جدّا، وهو أمر قياسي من حيث الوقت الذي إستلزم لأقراره حكوميًا، ومن ثمّ مناقشته في مجلس النواب الذي على أساسه ستنال الحكومة الثقة لتنطلق من بعدها إلى ورشة العمل يحدوها الأمل في تحقيق ما يمكن تحقيقه من دون مماطلة أو تأخير.
وأول الإنفراجات، على ما يبدو، سيكون على خط المحروقات، التي ستتوافر من أكثر من مصدر، خصوصًا تلك التي يمكن الإفادة منها من دون تكبيد الخزينة المزيد من الخسائر، من خلال القروض الميسرة التي ستمنح للبنان، سواء من الدول الشقيقة أو الدول الصديقة، التي كانت قد إشترطت لكي تمدّ  يد المساعدة إلى اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم قبل طلب المساعدة من الآخرين، وهذا ما ستفعله الحكومة الميقاتية، التي ستصبّ جهدها في المرحلة المنظورة على إستعادة ثقة دول الخليج العربي، وبالتالي إعادة العلاقات اللبنانية – الخليجية إلى سابق عهدها، من خلال ما يمكن تقديمه من تطمينات على أكثر من صعيد، وفي طليعتها عدم الخروج عن الإجماع العربي في الأمور الإستراتيجية.
البوادر جيدة، وقد يعوّم لبنان بالبنزين والمازوت، وهذا ما يعوّل عليه لعودة التيار الكهربائي إلى وضعه العادي الذي كان عليه ما قبل الأزمة الأخيرة، وهو حلّ مؤقت في إنتظار ما يمكن أن تحققه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والعودة إلى الترجمة العملية لمقررات مؤتمر “سيدر”.
هذا بالطبع من دون أن نسمح لأنفسنا بالغرق في مستنقعات التفاؤل الزايد عن حدّه. فالواقعية مطلوبة مع الكثير من الأمل، ولكن في الوقت نفسه مع الكثير الكثير من العمل.

المصدر:  “لبنان 24”

Ads here


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

News, international, international scopes, intscopes, scopes, middle east news, latest news of Lebanon, news in Lebanon, news in Lebanon now, news of Lebanon, Lebanon, Lebanon News, Lebanon news today, Lebanon news now, Lebanon government news, Lebanon elections, Lebanon security situation, Lebanese banks, Lebanon economic crisis, Lebanon political crisis, Lebanon currency exchange rate, أخبار لبنان اليوم، اخبار لبنان اليوم عاجل، اخر اخبار لبنان، Lebanon today news, أخبار الحكومة اللبنانية، الوضع الأمني في لبنان، الأزمة السياسية في لبنان، Lebanon government news, Lebanon elections, Lebanon security situation, Lebanon political crisis, سعر صرف الدولار في لبنان، المصارف اللبنانية، الوضع الاقتصادي في لبنان، Lebanon currency exchange rate, Lebanese banks, Lebanon economic crisis, سكوبات، سكوبات عالمية، عالمية, int, int scopes, international, Lebanon, أخبار، أخبار لبنان، اخبار، اخبار Lebanon daily news,لبنان,إسرائيل لبنان, يسرائيل كاتس, تهديدات إسرائيلية, جنازة نصر الله, حزب الله لبنان, الغارات الإسرائيلية, لبنان 2024, التوترات على الحدود اللبنانية, تصريحات كاتس, تصعيد عسكري في لبنان, الطيران الحربي الإسرائيلي, العدوان الإسرائيلي, الحرب في لبنان, صواريخ حزب الله, لبنان إسرائيل, نصر الله والتهديدات الإسرائيلية, ردود الفعل على غارة إسرائيلية, حركة حزب الله العسكرية, المقاومة اللبنانية,Israel Lebanon, Yoav Katz, Israeli threats, Nasrallah’s funeral, Hezbollah Lebanon, Israeli airstrikes, Lebanon 2024, tensions on the Lebanese border, Katz statements, military escalation in Lebanon, Israeli warplanes, Israeli aggression, Lebanon war, Hezbollah rockets, Israel Lebanon conflict, Nasrallah and Israeli threats, responses to Israeli airstrike, Hezbollah military action, Lebanese resistance

“المطلة مقابل بيروت”… رسالةٌ حازمة من كاتس للحكومة اللبنانية

“المطلة مقابل بيروت”… رسالةٌ حازمة من كاتس للحكومة اللبنانية أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *