كتب شادي هيلانة في “سكوبات عالمية“:
بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، اعتقد كثيرون أنّ زمن ممارسة النهب بهذه الوقاحة قد انتهى، وأنّ المنظومة السياسية باتت تتحسّب للثوار الذين كسروا “الرَهبة” التي كانت تحوط نفسها بها، وأنّ هناك سقفاً معيناً لم تعد هذه المنظومة قادرة على تجاوزه في ممارساتها.
فبعد مرور عامين واكثر الواضح أنّ الثوار استسلموا. بعضُهم أصابه التعب والإحباط، وبعضُهم ينتظر نضوج الظروف للانطلاق مجدداً، وبعضُهم مُربَك ولا يعرف من أين يبدأ، والبعض الآخر ركب الطائرة و”هاجر”.
ويبدو انّ الرهان على الانتخابات في لبنان لاستعادة الدولة من مفسديها “سراباً”، من المتوقع ألا تختلف كثيراً، خريطة التحالفات المقبلة على انتخابات 2022 عن التي شاركت الشعب “وفاقاً وطنياً” في انتخابات 2018 أو حتى ما قبلها، بخاصة مع ارتفاع الحاجة إلى المساعدات والخدمات والمنطق الزبائني.
والمؤكد ايضاً، انّ اركان السلطة يعيدون جدولة الأوراق، ضمن قواعد لعبة كبرى “فيها ما فيها” من تجديد في الأقنعة وبحث عن أطول مدة للبقاء وتداول الكراسي بين أقطابها – وكانت أولى علاماتها، حكومة نجيب ميقاتي التي سقطت من مظلة بين ليلة وضحاها – هي “المُبكلة” لخدمتهم وضمان ديمومة وجودهم في الاستحقاق الموعود بعد تعطيل قسري دام ثلاثة عشر شهراً.
في هذا الوقت تقف الشريحة الأكثر تأثيراً والأوسع انتشاراً وتنظيماً، وهي الأكبر قاعدة على الأرض بالأرقام والأوفر حظاً بالتأكيد والتي هي خارج الاصطفافات حالياً وهي “مواطنون ومواطنات” و”لحقي” و”لبنان عن جديد” و”العسكريين المتقاعدين” بالإضافة إلى شخصيات سياسية مستقلة حتى الساعة وحزب “سبعة”. وجميعها خارج أي ائتلاف وتعمل جاهدة لتقوية نفسها كل منها على حدى رافضة حتى اليوم لأي طرح جبهوي شعبوي غير متوافق مع توجهاتها الرئيسية.
وهي واقعياً كان لابد أن تجتمع تحت “راية” واحدة لما يجمعها من أهداف وبخاصة أن قواعدها الشعبية محدودة عددياً والا ستبقى خطاباتها وأهدافها “حبراً على ورق”.
باختصار، يتحذر غالبية الشعب اللبناني من تكرار “الحالة العونية” بخاصة في هذا الزمن الذي تتسابق فيه القوى الحاكمة، وتلك التي تمتلك أذرعاً مسلحة، إلى تقديم نفسها بشكل مغاير للواجهة الانتخابية المقبلة، ضمن “تحالف مال وسلاح” ودعم اقليمي.
شادي هيلانة