السبت, مايو 11, 2024
الرئيسيةأخبار محليةإلى ميقاتي الآتي

إلى ميقاتي الآتي

يكاد يكون مشهد إقفال الشوارع للوهلة الأولى متناقضاً مع مشهد الإستشارات النيابية الملزمة التي أفرغت كميات من نيترات التفاؤل المتفجرة في حناجر 72 نائباً في البرلمان اللبناني كلّفوا الرئيس ميقاتي تشكيل حكومة أشبَهُ بأحجية مستعصية.

يكاد يسرق جسر الرينغ ومستديرة البداوي وعبد الحميد كرامة وقصقص والمزرعة والمدينة الرياضية والطريق الجديدة والمحمّرة ومثلث خلدة وغيرها من المستديرات والمثلثات بريق وألق فوز الرئيس المكلّف بمهمته المباركة. وقاحة أن يستمر مسلسل الإطارات المشتعلة دون أن يُعطي مشعِّلوها فرصة للرئيس المكلّف إنقاذ ما تبقّى؟ هذا سؤال. لم يتوانَ هؤلاء عن محاصرة مدخل منزله في الزيتونة تماماً كما فعلوا مع جاره محمد الصفدي منذ أقل من سنة. لماذا؟ سؤال آخر.

ليس بعيداً عن دارة الرئيس ميقاتي في طرابلس مستديرة أبو علي التي أقفلها الطرابلسيون ليلة أمس ومستديرة عبد الحميد كرامة منذ لحظات بسبب انقطاع الكهرباء. الحقيقة بسبب انقطاع كل شيء. يكفي أن يقرر عشرة شبان قطع طريق حتى تُشَلّ مدينة بأكملها. هؤلاء غاضبون فقط. صحيح أن الجوع كافر وأن تحويلِهم الى لقمة سائغة بيد مخابرات الهونولولو سهل. الجائع جاهز ليبيع وطنه من أجل رغيف. تبّاً لكل تعاليم التربية الوطنية التي علّمته النشيد الوطني. الإمعاء الخاوية لا تقرأ ولا تكتب. الجوع إبن سفاح والتخمة بنت عيلة.

في هذا الوقت تتسلى دول العالم بقضيتنا. الملك عبد الله الأردني نعانا مؤخراً باللغة الإنكليزية في إحدى المقابلات التلفزيونية. بشَّرَنا أيضاً أن النازحين السوريين سيبقون في ضيافتنا قبل أن يسارع الرئيس السوري بالتصريح انه يعمل على إعادتهم. على أية حال إخوتنا في القِطر السوري صاروا يقبضون ” فرِيش دولار “. يتمتع اللبنانيون برؤيتهم يتهافتون فَرحين على موزعات المال الإلية. ثلاثمائة دولار أميركي شهرياً توازي ستة ملايين ليرة لبنانية. نعمة كريم ولا عجلة أو عجلات لأي عودة إلى الديار.

الفرنسيون في حالة غبطة أيضاً. يهللون لصمود المبادرة الفرنسية. كلّفتهم زيارتين لرئيس فرنسا وزيارَتَين أُخرَيين لوزير خارجيته جان إيڤ وزيارات متعددة لمسؤولين فرنسيين مهتمين بالمرفأ وببعض جُوَر الغاز والبترول من الصفرا الى الناقورة. الروس يتغزلون بمصافينا أيضاً والإتحاد الأوروبي يشجعنا على الإنتقال من حالة اليوبالا الى حالة السير على الأقدام. بالطبع العصا والجزرة هي المعادلة التي تُمارَس علينا. عقوبات على شخصيات. قيود على السفر. تجميد أرصدة. يعني كل ما يُمْكِن ان يُتَّخَذ من إجراءات ضد مبيِّضي الأموال وتجار المخدرات أيضاً. هنيئاً لنا.

وسط هذه المأساة الملهاة برز موقف لسماحة المفتي قبلان أفاد بأن ” الإنقاذ يحتاج إلى تضامن وطني شامل حتى لا يتحول لبنان متصرفية زواريب تحت عين القطارة الأممية والملاعب الدولية “. صحيح. متصرفية زواريب. كل زاروبين يعلنان نفسيهما جمهورية. امتحان وطنية على مقياس قدرتك على شتيمة غيرك لأن الصدفة ولدته من غير دينك. صحيح. قطارة أممية أقصى كرمها وجودها أن تمنّ علينا بكراتين طحين زيرو. صحيح أخيراً عن الملاعب الدولية. يُمنَع علينا حتى مشاهدة المباريات. نحن رأس سعرنا كؤوس تُوَزَّع على الفائزين.

يعرف الرئيس المكلّف كل هذا. من البداوي الى نهر ابو علي الى التبانة وجبل محسن والبالما والرينغ والناعمة وكل شارع يشتعل في لبنان يعرف الرئيس المكلّف انه يحمل بين يديه كرة نار إما يُبقيها وإما يرميها وإما يخمِدها. إبقاؤها يحرق يديه. رميها يحرق البلد. وحده إخماد النار يُطفِئ جهنّم. على أحرّ من الجمر نسهر سهرة نار!

ألمصدر : “ليبانون ديبايت”- روني ألفا




مقالات ذات صلة

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

أحدث المقالات

Translate »