سحب دولار
سحب دولار

هل يحمي “الكابيتال كونترول” أموال المودعين؟

«الكابيتال كونترول» في لبنان، كان ليكون ذا فائدة قصوى في أوائل الأزمة ـ أي في تشرين الأول 2019 ـ بالتوازي مع خطّة حكومية تُعالج الخلل القائم آنذاك والمُتمثّل بغياب السياسات الإقتصادية وإنتشار مُفرط للفساد. هذا الأمر لم يحصل على الرغم من ضغط صندوق النقد الدولي (منذ ما يُقارب العام) وبالتالي ومع ارتفاع الأصوات بإقرار القانون، أصبح قانون الكابيتال كونترول مطلبًا شعبيًا قد يكون المُحرّك الأساسي لما يحصل حاليًا. وبالنظر إلى مُحتوى المشروع المُسرّب لقانون الكابيتال كونترول، يُمكن الإستنتاج أنه آت لتلبية مطلب شعبي (وشعبوي!) أكثر منه لمعالجة الأزمة نظرًا إلى الثغرات التي تعتريه والتي لن توصل إلى الهدف النبيل منه أي حماية أموال المودعين ووقف الإستنسابية. الملاحظات على هذا المشروع عديدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولا ـ لا يوجد حكومة أصيلة خلف مشروع القانون هذا وبالتالي فإن إقراره يعني بكل بساطة ألا آفاق عملية أو زمنية له على الرغم من تحديد فترة سنة قابلة للتجديد. وبالتالي لا يُمكن لهذا القانون أن يكون حلا للأزمة بل يجب أن يكون إجراء إلزاميا في مصفوفة إجراءات يتوجّب على الحكومة أخذها؛

ثانيًا ـ تنص الفقرة «أ» من المادّة الثانية على أن سقف السحوبات للمودعين هو 20 مليون ليرة لبنانية شهريًا. وهنا يُطرح سؤال جوهري: من أين ستأتي المصارف بهذا الكمّ من الليرة اللبنانية؟! ألن يتمّ طبع العملة من أجلّ تلبية هذا الطلب الذي سيكون هائلا من دون أدنى شكّ؟! في الواقع التقديرات الأوّلية أن حجم الكتلة النقدية سيتضاعف في فترة لا تتجاوز العام!

في الواقع هذا السقف هو سقف شعبوي بإمتياز نظرًا إلى أن الحاجة لليرة اللبنانية هي في التعاملات الداخلية وبالتالي كان يجب بالأحرى فرض قبول وسائل الدفع الأخرى على التجّار نظرًا إلى أنهم يُساهمون بشكل كبير في طبع العملة المُفرط!

ثالثًا ـ تنصّ الفقرة «ج» من المادّة الثانية على أنه يمكن لأصحاب الودائع بالعملة الصعبة أن يسحبوا أموالهم بالليرة اللبنانية على أن يتمّ الأخذ في الاعتبار «أسعار السوق الرائجة». هذا الأمر يعني إعترافًا ضمنيًا من قبل المُشرّع اللبناني بتحرير كامل لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي مع ما يحمله هذا الأمر من مخاطر من ناحية سدّ القروض وأسعار السلع الأخرى (خصوصًا المدعومة)، وبالتالي تُرك المواطن اللبناني في وسط العاصفة يُحارب وحده كما كان الحال في الثمانينات والتسعينات.

هذا الأمر ليس بإنجاز! الإنجاز هو وضع خطّة لردّ أموال المودعين وبعملة الوديعة.

رابعًا ـ إستثنت الفقرة الرابعة من المادّة نفسها من مشروع القانون السحوبات النقدية من الودائع بالعملة الأجنبية التي تكوّنت من تحويلات من الليرة اللبنانية بعد العام 2016. وبالتالي قام المجلس النيابي بخلق دولار جديد هو الدولار المصرفي غير القابل للسحب على سعر السوق الرائجة والناتج عن تحويلات من الليرة اللبنانية!

السؤال المطروح بالنسبة لهذه المادة، ما حال عمليات الصرف على الـ 1515 للمبالغ قبل هذه الفترة وبعدها، هل سيتم اعتمادها أم سيطالب أصحابها برد الفارق. وهل يمكن تصنيف العمليات السابقة بقوانين لاحقة – أي مفعول رجعي؟ وما قيمة الالتزامات والعقود؟ وهل يمكن أن يفتح ذلك بابًا لضرب مصداقية جميع الالتزامات والعقود بين المتعاقدين في المجالات الأخرى؟ أي إنها سابقة في مفهوم الالتزام وباب للتفلت منها. هنا نرى الاستنسابية والتخبط في صياغة هذه المادة المخالفة لروح الواجبات والحقوق في التشريع المدني.

في الواقع يتساءل المرء عن هدف هذه المادة وكيف لهم أن يقوموا بتطبيقها؟ فعلى سبيل المثال، إذا قام مودع بتحويل أمواله من الليرة إلى الدولار بعد عام 2016 وقام بعدها بشراء عقار من شخص أخر، فهل سيتم إعتبار الحساب الجديد لبائع العقار على أنه أموال مُحوّلة من الليرة إلى الدولار؟ وكيف يمكن التفريق بين ما وضعه المودع نتيجة عملية صرف في بنك آخر من عملية بيع بالدولار خصوصًا إذا كانت الإيداعات تحت سقف تصريح مصدر الأموال… في الواقع هناك إستحالة لتطبيق هذه المادة تقنيًا!!

خامسًا ـ نصّت الفقرة الخامسة من المادة نفسها على منع التحويل من الليرة اللبنانية إلى العملة الصعبة إلا في حال توفّر التغطية النقدية الكافية لدى المصرف. هذا الأمر لا يُفيد المودع بحكم أن المصرف لن يقوم بأي عملية تحويل إما لأن لا مصلحة له فيها متذرعاً بعدم وجود التغطية للبعض دون الآخرين وبالتالي فإنه إما أن يقوم بذلك من أمواله الخاصة (لا مصلحه له) أو من أموال المودعين الأخرين، أو نظرًا إلى غياب أي خطّة إنقاذية تجعله قادراً على تصور حد للإستنزاف الحاد والإلتزامات غير المجدية. وكلاهما أمر مستبعد في أحسن حالاته إن لم يكن مُستحيل التطبيق!

سادسًا ـ الفقرة 1 من المادّة الثانية عرفت «الأموال الجديدة» من دون أن تُحدّد التاريخ مما يعني أن كل الأموال التي تمّ تحويلها من الحسابات المصرفية من خارج لبنان إلى لبنان قبل تاريخ إقرار القانون غير مشمولة وهذا غير عادل للمودعين أيضاً نظرًا إلى وجود تعاميم سابقة من قبل مصرف لبنان. هذه الأخيرة أقّل قدرة مُقارنة بالقوانين وبالتالي فإن أي خلاف بين المودعين والمصارف (وستكون عديدة) سيتمّ إعتماد القانون!

أيضًا هل هذه داخلة تحت إبتداع مصطلح قانوني جديد. أي: هل بدعة الأموال «الجديدة» ستصبح مصطلحاً قانونيًا جديدًا في عالم القانون اللبناني ومنه إلى قانون النقد والتسليف؟

سابعًاـ إستثنت الفقرة الثانية من المادة الثانية أموال المؤسسات الماليّة الدوليّة والسفارات الأجنبية والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية. فهل هذا يعني أن هذه المؤسسات يحق لها أن تقوم بعمليات صرف معتمدة دون غيرها من المودعين بغض النظر عن تواريخ هذه العمليات، ومن يتحمل تكلفة هذا الصرف إذا علمنا أن الكلفة الحقيقية تقع على العملة اللبنانية من خلال الاحتياطي؟

وهنا يُطرح أيضاً سؤال آخر في هذا المجال: هل الأموال السورية هي ضمن هذه الإستثناءات؟ وماذا عن قانون قيصر؟

ثامنًا ـ نصّت النقطة «د» من الفقرة الثانية من المادّة الثالثة على إستثناء من يريد تسديد نفقات في الخارج عائدة للاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت. وهذا الأمر قد يفتح بابًا لتهريب الأموال إلى الخارج من خلال إتفاقيات مع شركات خارجية قد تُنشأ لهذا الأمر. وكان المفروض وضع سقف سنوي لا يُمكن تخطّيه!

تاسعًا ـ نصّت الفقرة «ثانيًا» من المادّة الثالثة على ألا يتعدّى السقف لكل الفئات المُستثناة من منع التحويل، الـ 50 ألف دولار أميركي سنويًا. وهنا يُطرح السؤال عن قدرة المصارف على تلبية هذا الكمّ الهائل من التحاويل على الرغمّ من أحقّية هذه العمليات قانونيًا وأخلاقيًا وإقتصاديًا؟

عاشرًا ـ طرحت الفقرة «ثالثًا» أن السقوف السنوية هي إجمالية من جميع حساباته بما فيها المُشتركة لدى جميع المصارف اللبنانية! وهنا يُطرح السؤال: من سيقوم بهذا التدقيق؟ ألا يوجد هناك سريّة مصرفية؟ ألا تتعارض هذه الفقرة مع قانون سرّية المصارف؟

على كل الأحوال، لائحة المُلاحظات على قانون الكابيتال كونترول تطول ووجب علينا علميًا إظهار بعضها علّها تصل إلى آذان المعنيين ليعلموا ضرورة تشكيل حكومة تتحمّل مسؤولياتها (الدين العام مثلا!) ويكون فيها قانون كابيتال كونترول عادل ومُحكَمْ جزءًا من خطتها، لا قانونًا أعرج تعتريه النواقص والثغرات سعياً وراء رضا صوري لرأي عام على بعد عام من الانتخابات النيابية.

المصدر : الديار –  جاسم عجاقة

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

سعر الذهب اليوم، أسعار الذهب، توقعات أسعار الذهب، تحليل الذهب اليوم، سعر جرام الذهب، أسعار الذهب في السوق، تداول الذهب، استثمار الذهب، سعر الذهب في مصر، سعر الذهب في السعودية، سعر الذهب في الخليج، أخبار الذهب، الذهب مقابل الدولار، أسعار الذهب العالمية، أسعار الذهب الفورية، شراء الذهب، بيع الذهب، سعر الذهب عيار 21، سعر الذهب عيار 24، سعر الذهب اليوم في البورصة، أسعار الذهب في الأسواق العالمية، استراتيجيات الاستثمار في الذهب، تحليل أسعار الذهب، أسعار الذهب في البورصة العالمية، مؤشر أسعار الذهب، توقعات الذهب، الذهب في السوق العالمية، أسباب ارتفاع أسعار الذهب، استقرار أسعار الذهب، سعر الذهب في السوق اليوم، الذهب عيار 18، أسعار الذهب والفضة، تجارة الذهب، الذهب الملاذ الآمن، شراء الذهب عبر الإنترنت، سعر الأونصة الذهب، أسعار الذهب في محلات الصاغة، أسعار الذهب في البورصة المصرية، تحليل فني لسعر الذهب، اتجاهات أسعار الذهب، سعر الذهب في دبي، سعر الذهب في الكويت، توقعات أسعار الذهب في 2024، أسباب انخفاض سعر الذهب، العوامل المؤثرة على أسعار الذهب، تداول الذهب عبر الإنترنت، سوق الذهب اليوم، الذهب عيار 14، أسعار الذهب التاريخية، أسعار الذهب اليوم بالدولار، تحليل أسواق الذهب، شراء الذهب كاستثمار، أفضل وقت لشراء الذهب، توقعات الذهب المستقبلية، أسعار سبائك الذهب، سعر كيلو الذهب، سعر الذهب في لندن، أخبار أسعار الذهب، اتجاه الذهب اليوم، أسعار الذهب في الهند، توقعات أسعار الذهب العالمية، أفضل شركات تداول الذهب، تداول الذهب في البورصة، التداول الإلكتروني للذهب، سعر الذهب في السوق السوداء، أسعار الذهب في محلات المجوهرات، التغيرات في أسعار الذهب، استراتيجيات تداول الذهب، سعر الذهب عيار 22، مستقبل سعر الذهب، أسعار الذهب اليوم في مصر، أسعار الذهب في الشرق الأوسط، مؤشرات أسعار الذهب، شراء الذهب في الخليج، سعر الذهب في السوق العالمية، اتجاه أسعار الذهب، تحديث أسعار الذهب اليوم، توقعات الذهب في 2024، استثمار الذهب في البنوك، سعر الذهب في السوق السعودية، سعر الذهب في مصر الآن، أسعار الذهب في الصين، الذهب والاقتصاد العالمي، تحليل سوق الذهب العالمي، استثمار الذهب في البورصة، سعر الذهب في الأسواق الناشئة، أسعار الذهب في قطر، سعر الذهب اليوم في الأردن، توقعات أسعار الذهب اليومية، سعر الذهب في السوق المصرية، أسعار الذهب في الأسواق الخليجية، سعر الذهب اليوم في الجزائر، تجارة الذهب في الشرق الأوسط، سعر الذهب اليوم في الإمارات، سعر الذهب في السوق العمانية، تحديثات سوق الذهب، التحليل الفني للذهب، سعر الذهب في السوق العراقية، تأثير أسعار الذهب على الاقتصاد، سعر الذهب اليوم في السوق السوداء، gold price today، gold prices، gold price forecast، gold analysis، gold investment، gold trading، current gold price، gold rate، gold price in USA، gold market، gold price per gram، buy gold online، sell gold، gold price per ounce، gold price per kilo، gold futures، gold ETF، gold price news، gold price live، gold price in Europe، gold price prediction، gold rate today، best gold investment، gold market trends، gold price historical، gold spot price، gold price updates، gold bullion price، gold vs dollar، gold price in Asia، global gold prices، gold market analysis، gold investment strategies، online gold trading، gold price in Middle East، future of gold prices، gold price in London، gold price trends، gold market updates، gold price in the stock market، gold price in China، impact of gold prices on the economy، gold price in emerging markets، global gold market، gold price fluctuations، gold price predictions 2024، gold price in UAE، gold price in India، gold price today USA، investing in gold ETFs، physical gold investment، trading gold futures، price of gold per gram today، buy gold as an investment، current price of gold per gram، buy gold bars، gold price chart، gold market price، gold price in Saudi Arabia، gold price in Dubai، price of gold in GCC، global impact of gold prices، real-time gold prices،أسعار الذهب, Gold prices, توقعات أسعار الذهب, Gold price forecast, ارتفاع الذهب, Gold increase, الذهب والعوائد, Gold yields, تداول الذهب, Gold trading, بيانات التضخم الأمريكية, US inflation data, تأثير الدولار على الذهب, Dollar impact on gold, أسعار الذهب اليوم, Gold prices today, تحليل أسعار الذهب, Gold price analysis, استثمار الذهب, Investing in gold, الذهب كملاذ آمن, Gold as a safe haven, العقود الآجلة للذهب, Gold futures contracts, أسعار المعادن النفيسة

تسعيرة جديدة.. إليكم تحديث اسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للذهب لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *