تدقيق
تدقيق

السلطة تستثمر في الانهيار عن سابق تصور وتصميم: لا موازنة ولا رؤية اقتصادية!

كتب ايلي الفرزلي في “الأخبار”: أربعة أشهر مرّت على الموعد القانوني لتقديم وزارة المالية للموازنة، من دون أن تقوم بواجبها. وبدلاً من أن يكون المجلس النيابي قد أقرّها، وجد النواب أنفسهم يقرّون قانوناً يجيز الصرف على القاعدة الاثني عشرية. هذا إعلان لعجز السلطة عن القيام بأول واجباتها، الذي على أساسه تحدد سياستها المالية والنقدية. ببساطة، السلطة لا تملك أي خطة للإصلاح، وهي أكثر من ذلك تستثمر في الانهيار إلى أن يحين موعد التسويات .

 

بدلاً من أن تُبادر الحكومة اللبنانية بالتعاون مع مجلس النواب إلى وضع رؤية للخروج من الأزمة المالية والنقدية التي مرّ عليها سنة ونصف تقريباً، فضّلت ترك الأمور تسوء أكثر فأكثر. ذلك، يؤدي إلى اقتناع لدى كثر بأن استثمار السلطة في الانهيار يحصل عن سابق تصوّر وتصميم. السلطة، بالتعاون مع مصرف لبنان، قررت أن تحمّل المسؤولية للبنانيين جميعاً، من خلال تعمّد إضعاف القدرة الشرائية، وزيادة التضخم، وإغراق البلد بطبع العملة وترك السوق يتحكم في سعر الصرف. هذا المسار يُجنّب الطبقة الحاكمة اتخاذ القرارات الإصلاحية الصعبة، بانتظار تسويات سياسية داخلية وخارجية لا أحد يعرف متى تأتي.

للتذكير، في بداية التسعينيات تركت الليرة تنهار من دون أي مسعى لإنقاذها إلى أن وصل سعر الدولار إلى 3000 ليرة. عندها قُدّم رفيق الحريري كمنقذ، وجرى تخفيض سعر الصرف على مراحل إلى أن وصل إلى الـ1500 ليرة.

 

بناءً عليه، يصبح الموجب الدستوري الأول للسلطة، أي إعداد موازنة عامة، ليس أولوية بالنسبة إليها. الموازنة يجب أن تتضمن رؤية الدولة لمعالجة الأزمة. كيف ستتعامل مع سعر الصرف؟ وكيف ستتعامل مع الدين العام وخدمته؟ وما هي السياسة الضرائبية التي ستتبعها؟ وكيف ستوزّع الواردات على النفقات؟ وكيف ستغطي عجز الموازنة؟ وعلى أي سعر صرف تجبى الضرائب؟ وكم هو حجم الدخل الوطني (انخفض أكثر من 25 في المئة العام الماضي)؟ باختصار، يجب أن تكون الموازنة السيبة التي توضع عليها الإصلاحات، ومعظمها ليس بحاجة إلى انتظار صندوق النقد لإجرائها، لكن السلطة ترفض تحمّل المسؤولية.

 

كل ذلك لا يهمّ، ومن كان ينتظر مشروع الموازنة ليرى ما لهذه السلطة من رؤى إنقاذية، أيقن أن همّها في مكان آخرليس الفقر الذي يفتك بالناس هو الأولوية، وليس كبح البطالة والهجرة هو الأولوية، بل الأولوية هي لضمان استمرار القدرة على الصرف، حتى لو كان على أرقام موازنة العام 2020، التي تجاوزها الزمن وأصبحت بلا قيمة.

بالمظلة نزل اقتراح القانون المعجل المكرر الذي يجيز للحكومة جباية الواردات والإنفاق على القاعدة الاثني عشرية اعتباراً من شباط المقبل. النائب علي حسن خليل تولى المهمة، وما هي إلا ثوان حتى أقرّ المجلس الاقتراح، بحجة الحرص على قوننة الصرف والجباية. العام الماضي لم يكن هذا الحرص موجوداً، فمرّ شهر شباط من دون موازنة ومن دون قانون يسمح بالصرف على القاعدة الاثني عشرية (نشر قانون موازنة 2020 في الخامس من آذار من العام نفسه). لكن من حرص على قوننة الصرف هذا العام، وحدّد الأول من شباط تاريخاً لبدء العمل بالقانون، على اعتبار أن الصرف على القاعدة الاثني عشرية مباح في شهر كانون الثاني، فاته أن المادة 86 من الدستور تربط اعتماد هذه القاعدة في الشهر الأول بوجود مشروع قانون لم ينته المجلس النيابي من درسه في المهلة المحددة، أي قبل نهاية العام. لكن ليست تلك هي الحالة اليوم. لا الحكومة أقرّت مشروع الموازنة ولا المجلس النيابي يدرس المشروع ولا وزارة المالية أنجزته!

 

تجدر الإشارة إلى أن جلسة إقرار موازنة العام الماضي كانت عقدت في 27 كانون الثاني. يومها شارك في الجلسة الرئيس حسان دياب قبل حصول حكومته على الثقة. وقال حينها إنه «لا شيء عادياً في لبنان اليوم. كل شيء استثنائي وتعقيدات الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تُملي علينا التصرّف من منطق الضرورة والعجلة، وأيضاً الاستثناء…». التعقيدات خلال عام ازدادت أضعافاً، لكنها لم تؤدّ إلى أي تحرك رسمي يتناسب مع الوضع الاستثنائي. حتى الموازنة لم تُنجز. وزارة المالية تماطل منذ أشهر في إعدادها. كان يفترض أن تحول المشروع إلى الحكومة في بداية أيلول. تحججت بانفجار المرفأ والتعبئة العامة لتبرّر عدم قيامها بالموجب الدستوري. لكن التأخير طال. مرّت أربعة أشهر من دون أن تخرج الموازنة من الوزارة. اللافت أن مصادر مسؤولة في «المالية» تؤكد منذ أكثر من شهرين أن المشروع شارف على النهاية ولا يحتاج سوى إلى أيام. مع نهاية الشهر الماضي، أكدت المصادر نفسها أنها انتهت من إعداد الموازنة ولم يبق سوى فذلكتها. لكنّ شيئاً لم يحصل. بل أكثر من ذلك، طلب وزير المالية استثناء وزارة المالية من الإقفال العام والسماح لـ50 في المئة من الموظّفين بالحضور من أجل إعداد الموازنة، بالرغم من أن الوزارة يفترض أن تكون قد بدأت الإعداد لها من أيار، ويفترض أن تكون حوّلتها إلى الحكومة في نهاية آب! كل ذلك يؤكد أن المماطلة متعمّدة. ومع تقدير مصادر مطّلعة أن الوزارة مرتبكة، على اعتبار أنها لا تعرف ماذا يجب أن تفعل في خدمة الدين وفي الضرائب، وفي تقدير الأرقام التي تغيّرت بشكل هائل ربطاً بتغيّر سعر الصرف، إلا أن ذلك لا يشكّل سبباً لعدم القيام بواجبها. لا بل أكثر من ذلك، يعتبر مدير المحاسبة السابق في الوزارة أمين صالح أن السلطة تهرب من إعداد الموازنة، لأنها ستلزمها بتحديد السياسة المالية والنقدية، كما ستضطرها إلى تفسير أسباب التضخم وطبع العملة ورفع الأسعار

اللافت هنا أن رئاسة مجلس الوزراء لا تبدو راضية عن تأخير وزارة المالية في إعداد مشروع الموازنة. فقد علمت ««الأخبار» أن رئاسة الحكومة راسلت وزير المالية، في الثامن من الشهر الحالي، مشيرة إلى أنه «تأكيداً على المراجعات السابقة» يطلب إيداع الموازنة مجلس الوزراء بالسرعة الممكنة.

هذا الكلام استفزّ وزارة المالية، لناحية الإشارة ضمنياً إلى تقصيرها. وركزت في ردّها على مسألة المراجعات العديدة، فأوضحت أن اتصالاً وحيداً ورد إلى الوزير من رئيس الحكومة بشأن تقديم الموازنة. كما ذكّرت بأن هذا الموجب هو من صلب مهام وزارة المالية. وهي ستنجز الموازنة آخذة بعين الاعتبار الإصلاحات الموجودة في خطة التعافي المالي، وترسلها فور الانتهاء منها إلى رئاسة المجلس.

يرى الوزير السابق منصور بطيش أن لا أحد في السلطة يريد الإصلاحات، لأنها ببساطة تعطّل مصالحهم. وبالتالي هو يعتبر أن التأخير في إعداد الموازنة مرتبط أولاً بانتظار صندوق النقد ليملي عليهم الإصلاحات المطلوبة، مشيراً إلى أن لبنان يضيّع على نفسه بذلك الكثير من الوقت من دون طائل. باختصار، يُذكّر بطيش من يدّعون السيادة والحرص على السيادة، بأن الترجمة الفعلية لذلك هي الموازنة

المصدر: الأخبار

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

سعر الذهب اليوم، أسعار الذهب، توقعات أسعار الذهب، تحليل الذهب اليوم، سعر جرام الذهب، أسعار الذهب في السوق، تداول الذهب، استثمار الذهب، سعر الذهب في مصر، سعر الذهب في السعودية، سعر الذهب في الخليج، أخبار الذهب، الذهب مقابل الدولار، أسعار الذهب العالمية، أسعار الذهب الفورية، شراء الذهب، بيع الذهب، سعر الذهب عيار 21، سعر الذهب عيار 24، سعر الذهب اليوم في البورصة، أسعار الذهب في الأسواق العالمية، استراتيجيات الاستثمار في الذهب، تحليل أسعار الذهب، أسعار الذهب في البورصة العالمية، مؤشر أسعار الذهب، توقعات الذهب، الذهب في السوق العالمية، أسباب ارتفاع أسعار الذهب، استقرار أسعار الذهب، سعر الذهب في السوق اليوم، الذهب عيار 18، أسعار الذهب والفضة، تجارة الذهب، الذهب الملاذ الآمن، شراء الذهب عبر الإنترنت، سعر الأونصة الذهب، أسعار الذهب في محلات الصاغة، أسعار الذهب في البورصة المصرية، تحليل فني لسعر الذهب، اتجاهات أسعار الذهب، سعر الذهب في دبي، سعر الذهب في الكويت، توقعات أسعار الذهب في 2024، أسباب انخفاض سعر الذهب، العوامل المؤثرة على أسعار الذهب، تداول الذهب عبر الإنترنت، سوق الذهب اليوم، الذهب عيار 14، أسعار الذهب التاريخية، أسعار الذهب اليوم بالدولار، تحليل أسواق الذهب، شراء الذهب كاستثمار، أفضل وقت لشراء الذهب، توقعات الذهب المستقبلية، أسعار سبائك الذهب، سعر كيلو الذهب، سعر الذهب في لندن، أخبار أسعار الذهب، اتجاه الذهب اليوم، أسعار الذهب في الهند، توقعات أسعار الذهب العالمية، أفضل شركات تداول الذهب، تداول الذهب في البورصة، التداول الإلكتروني للذهب، سعر الذهب في السوق السوداء، أسعار الذهب في محلات المجوهرات، التغيرات في أسعار الذهب، استراتيجيات تداول الذهب، سعر الذهب عيار 22، مستقبل سعر الذهب، أسعار الذهب اليوم في مصر، أسعار الذهب في الشرق الأوسط، مؤشرات أسعار الذهب، شراء الذهب في الخليج، سعر الذهب في السوق العالمية، اتجاه أسعار الذهب، تحديث أسعار الذهب اليوم، توقعات الذهب في 2024، استثمار الذهب في البنوك، سعر الذهب في السوق السعودية، سعر الذهب في مصر الآن، أسعار الذهب في الصين، الذهب والاقتصاد العالمي، تحليل سوق الذهب العالمي، استثمار الذهب في البورصة، سعر الذهب في الأسواق الناشئة، أسعار الذهب في قطر، سعر الذهب اليوم في الأردن، توقعات أسعار الذهب اليومية، سعر الذهب في السوق المصرية، أسعار الذهب في الأسواق الخليجية، سعر الذهب اليوم في الجزائر، تجارة الذهب في الشرق الأوسط، سعر الذهب اليوم في الإمارات، سعر الذهب في السوق العمانية، تحديثات سوق الذهب، التحليل الفني للذهب، سعر الذهب في السوق العراقية، تأثير أسعار الذهب على الاقتصاد، سعر الذهب اليوم في السوق السوداء، gold price today، gold prices، gold price forecast، gold analysis، gold investment، gold trading، current gold price، gold rate، gold price in USA، gold market، gold price per gram، buy gold online، sell gold، gold price per ounce، gold price per kilo، gold futures، gold ETF، gold price news، gold price live، gold price in Europe، gold price prediction، gold rate today، best gold investment، gold market trends، gold price historical، gold spot price، gold price updates، gold bullion price، gold vs dollar، gold price in Asia، global gold prices، gold market analysis، gold investment strategies، online gold trading، gold price in Middle East، future of gold prices، gold price in London، gold price trends، gold market updates، gold price in the stock market، gold price in China، impact of gold prices on the economy، gold price in emerging markets، global gold market، gold price fluctuations، gold price predictions 2024، gold price in UAE، gold price in India، gold price today USA، investing in gold ETFs، physical gold investment، trading gold futures، price of gold per gram today، buy gold as an investment، current price of gold per gram، buy gold bars، gold price chart، gold market price، gold price in Saudi Arabia، gold price in Dubai، price of gold in GCC، global impact of gold prices، real-time gold prices،أسعار الذهب, Gold prices, توقعات أسعار الذهب, Gold price forecast, ارتفاع الذهب, Gold increase, الذهب والعوائد, Gold yields, تداول الذهب, Gold trading, بيانات التضخم الأمريكية, US inflation data, تأثير الدولار على الذهب, Dollar impact on gold, أسعار الذهب اليوم, Gold prices today, تحليل أسعار الذهب, Gold price analysis, استثمار الذهب, Investing in gold, الذهب كملاذ آمن, Gold as a safe haven, العقود الآجلة للذهب, Gold futures contracts, أسعار المعادن النفيسة,

إرتفاع صاروخي جديد بتحديث اسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للذهب لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *