منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان في عام 2019، وتفاقم تداعيات جائحة كورونا، وجد العديد من اللبنانيين أنفسهم في مواجهة واقع جديد فرض عليهم التكيف مع أسلوب حياة وعمل مختلفين. في هذا السياق، أصبح تطبيق “تيك توك” هو المنفذ للكثير من الشباب اللبناني، الذين وجدوا فيه مصدر دخل عبر البث المباشر (اللايف)، مما ساعدهم على تأمين قوت يومهم بعيدًا عن العمل التقليدي.
فرصة عمل جديدة عبر “تيك توك”:
بالرغم من تأثيرات الأزمات، لا يزال “تيك توك” يوفر دخلًا ثابتًا للعديد من المستخدمين في لبنان، حيث يعتمدون على تقديم محتوى يتراوح بين الغناء، الرسم، العزف، والتبصير عبر البث المباشر. من خلال هذا البث، يتلقى الموهوبون هدايا افتراضية من متابعيهم، يمكن تحويلها لاحقًا إلى أموال حقيقية، ما يمثل مصدرًا رئيسيًا للكثيرين في ظل تدهور الأوضاع المالية.
وفقًا للتقديرات، يبلغ عدد مستخدمي التطبيق في لبنان نحو 3.9 مليون شخص، وقد استطاع العديد منهم تحقيق دخل فعلي عبر هذه المنصة.
أزمة توقف السحوبات المالية:
في الآونة الأخيرة، واجه مستخدمو “تيك توك” في لبنان أزمة جديدة تمثلت في توقف سحوبات الأموال التي كانت تتم عبر “PayPal”، مع استمرار تلقي الهدايا الافتراضية. يعني ذلك أن الأموال تبقى محجوزة في المحافظ الرقمية للمستخدمين من دون إمكانية سحبها، وهو ما أصاب العديد منهم بالإحباط، خصوصًا في ظل اعتماده الكامل على هذه الأموال في تدبير احتياجاتهم اليومية.
ورغم غياب إعلان رسمي من “تيك توك” بشأن الأسباب، تشير بعض المعلومات إلى أن هذه الأزمة مرتبطة بالوضع المالي للبنان بعد إدراجه في “اللائحة الرمادية”، مما يعقّد عمليات التحويل المالي من لبنان وإليه ويجعله خاضعًا لرقابة مشددة.
شبهات غسيل الأموال:
الأزمة لا تقتصر فقط على توقف السحوبات المالية، بل تشمل أيضًا شبهات غسيل الأموال التي طالت بعض صانعي المحتوى اللبنانيين. تشير التحقيقات إلى وجود اتفاقات بين بعض الداعمين وأصحاب البث المباشر، حيث يقوم الممولون بشراء هدايا رقمية بمبالغ ضخمة، ويعود جزء من هذه الأموال إلى الممولين، مما يعزز شكوكًا حول وجود عمليات تبييض أموال.
الممارسات السلبية على “تيك توك”:
إلى جانب أزمة السحوبات، تحولت “تيك توك” إلى بيئة خصبة لبعض الممارسات السلبية مثل الدعارة المقنّعة، التحرش، والاستغلال. كذلك، أصبح التطبيق منصة لتكريس ثقافة “المال السهل” عبر محتوى سطحي أو غير أخلاقي، وهو ما أسهم في تدهور قيم العمل الجاد، حيث أصبح الكثير من الشباب يعانون من الإحباط بسبب الرؤية غير العادلة بين من يكدّون في أعمالهم ومن يحققون دخلًا ضخمًا من محتوى سطحي.
التحايل على الأزمة:
في محاولة للتغلب على هذه الأزمة، لجأ بعض مستخدمي “تيك توك” إلى تحايل قانوني عبر تغيير موقعهم الجغرافي وتسجيل حساباتهم كما لو كانوا في دول أجنبية، بهدف تجاوز القيود وتمكينهم من سحب أموالهم. ومع ذلك، لا يزال العديد من المستخدمين يواجهون تهديدات حقيقية مع نهاية كل شهر، حيث لا يستطيعون سحب أموالهم لتغطية احتياجاتهم الأساسية مثل الإيجار والفواتير.
الآراء المتباينة حول قرار التوقف:
تباينت الآراء حول قرار وقف السحوبات. فبعض الأشخاص يرون أن هذا القرار مجحف بحق صانعي المحتوى الذين يعتمدون على هذه الأموال كمصدر رئيسي للرزق، بينما يعتبر آخرون أن القرار خطوة ضرورية للحد من الفوضى التي شهدتها المنصة، حيث بلغت التجاوزات حدودًا غير مقبولة، بما في ذلك ظهور محتوى مهين وغير أخلاقي أمام جمهور عريض من المتابعين.
مستقبل “تيك توك” في لبنان:
مستقبل “تيك توك” في لبنان يبدو غامضًا في ظل هذه الأزمات. رغم التحديات الراهنة، يبقى التطبيق فرصة عمل للكثيرين في لبنان، لكن كيف ستؤثر الأزمة المالية على استمرار هذه الفرصة، وهل ستتمكن المنصة من إعادة تنظيم عملياتها المالية في المستقبل؟ الأسئلة لا تزال مفتوحة.
المصدر: إليانا ساسين – لبنان 24
International Scopes – سكوبات عالمية إجعل موقعنا خيارك ومصدرك الأنسب للأخبار المحلية والعربية والعالمية على أنواعها بالإضافة الى نشر مجموعة لا بأس بها من الوظائف الشاغرة في لبنان والشرق الأوسط والعالم