خطاب سمير جعجع: عين على ما هو أبعد من الانتخابات النيابية
في خطابه الأخير، أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مجددًا موقع حزبه كـ “رأس حربة” في المواجهة السياسية المفتوحة مع حزب الله، مُرسلًا رسائل واضحة ومباشرة إلى الداخل والخارج. جعجع، الذي لطالما اتخذ موقفًا صريحًا ضد الحزب الشيعي، لم يترك مجالًا للمراوغة أو اللبس، بل قدّم نفسه وحزبه على أنه المشروع الوحيد القادر على مقارعة حزب الله وقيادة المواجهة السياسية ضده، مُعتبرًا أن المعركة هي وجودية ولا تحتمل أنصاف الحلول.
المعركة مع حزب الله: خطاب شعبوي أم حقيقة واقعية؟
من الواضح أن جعجع يسعى لتحقيق انتصار سياسي واضح على حزب الله. ولكن الواقع يكشف أن هذا الانتصار لم يعد ممكنًا بالمعنى المباشر. ما كان ممكنًا بعد انتهاء الحرب الأخيرة أصبح اليوم أكثر صعوبة. المعادلة أصبحت أكثر تعقيدًا، خصوصًا أن أي تغيير جذري لا يمكن أن يحدث إلا بتدخل عسكري إسرائيلي مباشر. وهو أمر يدركه جعجع جيدًا، لكنه يستخدم خطابًا شعبويًا لزيادة شعبيته وكسب المزيد من التأييد في الشارع اللبناني.
الرهانات الداخلية: تبدل التوازنات والمزاج السني
على المستوى الداخلي، يراهن جعجع على أن التوازنات اللبنانية قد تغيرت، وأن المزاج السني أصبح أقرب إلى “الهوى القواتي”. ويرى أن الانتخابات النيابية المقبلة ستؤكد هذا التحول في المزاج الشعبي. وفقًا لهذا التحليل، تعتبر القوات اللبنانية أن تعزيز حزب الله لقوته داخل البيئة الشيعية لا يشكل خطرًا مباشرًا عليها، ما دام الرأي العام اللبناني الأوسع، بحسب تصورهم، يقف في صفهم ويدعم مشروعهم السياسي.
القوات اللبنانية: قيادة وطنية أم حزب بيئي؟
من هذا المنطلق، تحاول القوات اللبنانية تصوير نفسها كـ قيادة وطنية جامعة وليست مجرد قوة حزبية محصورة في البيئة المسيحية. هذا التوجه يعكس الرغبة في توسيع قاعدة الدعم السياسي من خلال تسويق مشروعها كخيار وطني شامل، قادر على التصدي لجميع التحديات التي تواجه لبنان.
الانتخابات النيابية: مدخل إلى معركة الرئاسة
الأهم في خطاب جعجع أنه يعكس رهانًا كبيرًا على الاستحقاق الانتخابي المقبل. فالقوات اللبنانية لا ترى في الانتخابات النيابية مجرد استحقاق انتخابي عادي، بل مدخلًا أساسيًا نحو معركة الرئاسة. بالنسبة إلى معراب، الهدف لا يقتصر على تعزيز الكتلة النيابية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى تهيئة الطريق أمام سمير جعجع شخصيًا للوصول إلى قصر بعبدا.
ومن أجل تحقيق ذلك، تعتمد القوات اللبنانية خطابًا شعبويًا تصعيديًا، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تأجيل الاستحقاق النيابي إن أمكن، رهانًا على أن الظروف قد تتحسن وتتيح لها تكريس حضورها السياسي وتوسيع هامش قوتها في المرحلة القادمة.
حزب القوات اللبنانية في معركة وجودية مع حزب الله
خطاب سمير جعجع لم يكن مجرد تسجيل موقف سياسي، بل كان بمثابة إعلان صريح بأن القوات اللبنانية تخوض معركة وجودية مع حزب الله. تعتبر القوات اللبنانية نفسها رأس الحربة في هذا الصراع، وتُراهن على الانتخابات، على تبدل المزاج الشعبي، وعلى الاستحقاق الرئاسي. كل هذه العناصر تشكل جزءًا من معركة واحدة، هدفها تحقيق انتصار سياسي كبير وغير مسبوق، ولو اقتضى الأمر التصعيد في الخطاب والمواقف السياسية.
المصدر: علي منتش – لبنان 24
International Scopes – سكوبات عالمية إجعل موقعنا خيارك ومصدرك الأنسب للأخبار المحلية والعربية والعالمية على أنواعها بالإضافة الى نشر مجموعة لا بأس بها من الوظائف الشاغرة في لبنان والشرق الأوسط والعالم