“الدولة اللبنانية لا تسلّم مطلوبين يتمتعون بالجنسية اللبنانية إلى الخارج، بل تُحاكمهم على أراضيها ووفق قانونها”
لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد على خط الاستحقاق الرئاسي، والمراوحة مستمرة إلى أن يرمي رئيس مجلس النواب نبيه بري بحجر في المستنقع، فيدعو إلى جلسة انتخابات رئيسٍ للجمهورية، وعندها ترقى المفاوضات بين الأفرقاء، خصوصاً المعارضة منها، إلى مستوى جدي أكثر، فتحسم الكتل مواقفها، وتتضح الصورة أكثر في ظل تضارب المعلومات وكثرتها.
لكن من الواضح أن الفريق المعارض المتمثّل بالقوات اللبنانية والكتائب باقٍ على مواقفه المعارضة لسليمان فرنجية، ويُبدي هذا الفريق استعداده لتعطيل كل نصاب يؤدّي إلى انتخاب مرشّحٍ لـ”حزب الله”، ويقابل هذا التصلّب موقف متعنّت آخر يُصر على ترشيح فرنجية ويرفض أي مرشّح وسطي، وذلك تجلّى في رفض قائد الجيش جوزيف عون وغيره من الأسماء.
لكن في نهاية المطاف، لا بد من العودة إلى النقطة التي ينطلق منها تكراراً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الحوار والتسوية، فلا سبيل دون التلاقي ولا حل للبنان إلّا بانهاء حالة الفراغ والشلل الحاصل في البلد.
في هذه الأثناء، ترقّب للقمة العربية التي ستنعقد الجمعة في جدّة، والتي سيحضر فيها لبنان حكماً، إلا أن الأهم هو مستوى الحضور في البيان الختامي وعمّا اذا كان سيكتفي بالعموميات أم أنه سيكون هناك مبادرة ما عملية على خط الخروج من الأزمة القائمة وإنقاذ البلد من دوامة الانهيار المستمرة منذ 3 سنوات.
تزامناً، انشغل الوسط السياسي بمذكّرة التوقيف الدولية الصادرة بحق حاكم مصرف لبنان من قبل القضاء الفرنسي، وذلك بعد تغيّبه عن حضور جلسة استجوابه في باريس، على إثر فشل القضاء اللبناني في إبلاغ سلامة وفق الأصول بوجوب مثوله أمام القضاء في باريس. وفي ظل تساؤلات عمّا للقرار من مفاعيل قانونية وسياسية واقتصادية على الداخل اللبناني.
سلامة أعلن نيّته الطعن بالقرار الذي اعتبره مخالفاً للقانون وللأصول، وصادر بناءً على أفكار مسبقة، ولكن حتى صدور القرار بقبول الطعن من عدمه، فإن سلامة سيكون ممنوعاً من السفر تحت طائلة التوقيف.
المحامي والباحث القانوني سليمان مالك شرح الخطوات القانونية المرتقبة، ولفت إلى أن “مذكّرة التوقيف من المفترض أن تُعمّم على كافة مكاتب الإنتربول عند صدور هكذا قرار، وعندها يُصبح الشخص ممنوعاً من السفر إلى الدول التي يتواجد فيها الإنتربول، ويتم إرسال نسخة من القرار الفرنسي القضائي إلى النيابة العامة التمييزية في لبنان لمتابعة تنفيذها”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار مالك إلى أن “الدولة اللبنانية لا تسلّم مطلوبين يتمتعون بالجنسية اللبنانية إلى الخارج، بل تُحاكمهم على أراضيها ووفق قانونها، وفي هذا السياق، من المفترض مراجعة القضايا القضائية الموجودة بحق الشخص، وفي حال كان ثمّة ملفات مشابهة موجود لدى القضاء المحلّي، فعندها تتم المحاكمة في لبنان”.
وعن الخطوات الدفاعية التي قد يقوم بها سلامة، ذكر مالك أن “الشخص المطلوب للخارج او هناك دعاوى بحقه امام القضاء الاجنبي يُمكنه تعيين محامٍ للدفاع عنه وفق الأصول القانونية، كما الطعن بقرار مذكّرة التوقيف من أجل إبطال مفعول المذكّرة حتى يتمكن الشخص من السفر إلى الخارج للمثول أمام القضاء المعني بالملف. ولكن لا يُمكن الا يمثل الشخص المطلوب أمام هذا القضاء”.
إلى ذلك، يترقب اللبنانيون تبعات القرار الاقتصادية، وما إذا كانت مذكرة التوقيف ستنعكس ارتفاعاً في سعر صرف الدولار، ولكن أوساط مالية أشارت عبر “الأنباء” الالكترونية إلى ان سلامة مستمر في موقعه وأداء مهامه وليس في وارد تسليم نفسه، وبالتالي فإن لا تداعيات مرتقبة اقتصادياً، كما أن معايير عدّة تُسيطر على سعر الدولار المستقر منذ فترة، وهي بمعظمها عوامل سياسية، فالدولار يترفع بقرار سياسي وينخفض بالقرار نفسه، والارتفاع، الانخفاض أو الاستقرار رهن هذا القرار، وليس القرارات القضائية الفرنسية.
مرة جديدة البلد على صفيح ساخن، وتبدو الأيام المقبلة حامية على أكثر من صعيد، كما المواعيد الفاصلة والتي سيكون لها تداعياتها على مصير الأزمات القائمة.