لماذا تغلق المصارف فروعا في حين تجني كثيرا من المال؟

تستمر المصارف في توليد أرباح ضخمة، وفق ما يظهره القدر الوفير الحالي من النتائج، لكنها في الوقت نفسه تواصل إغلاق فروعها.

هذه المفارقة هي التي تثير غضب الناس إلى حد كبير. إذا كانت المصارف تجني كثيراً من المال، لماذا تغلق الفرع الذي أزوره طوال حياتي؟

هذه عبارة شائعة، لكنها عبارة تنحصر في شكل متزايد في أقلية من الناس. يتراجع الإقبال على فروع المصارف. ومع ذلك، فإن ما تفشل المصارف في فهمه، وتمويله على ما يبدو، هو أنها تقدم إلى هؤلاء العملاء الذين يستخدمون الفروع خدمة عزيزة لا تقدر بثمن.

لقد وصلنا أيضاً إلى مرحلة لم تعد عمليات الإغلاق تحظى بالمتابعة [الإعلامية]. لقد أهمل مصرف “لويدز” إعلان الأنباء حول إغلاق 66 منفذاً آخر، واختار أن يفعل ذلك حين كان اهتمام الإعلام في مكان آخر، ويغطي موجة الحر والسباق على قيادة “المحافظين”. وهذا يرفع إجمالي الفروع المغلقة هذا العام، بين العلامات التجارية الثلاث للمصرف، وهي “بنك أوف سكوتلاند” و”هاليفاكس” و”لويدز”، إلى 150 فرعاً، وفي القطاع المصرفي البريطاني إلى أكثر من 400 فرع.

وبحلول نهاية عام 2022 من المرجح أن تتضاعف هذه الحصيلة. وتقدر “ويتش؟” Which?، المجموعة التي تعنى بتوعية المستهلك، أن أكثر من 50 فرعاً مصرفياً في الشهر اختفت منذ بداية عام 2015. ونحن نقترب بسرعة من النقطة تصبح معها مشاهدة مصرف مفتوح على الإطلاق في شارع تجاري ما ضرباً من الإعجاز.

هي ليست ظاهرة تقتصر على المملكة المتحدة. خلصت دراسة أخيرة في تقرير العمل المصرفي الرقمي إلى أن 66 في المئة من المصرفيين حول العالم يعتقدون أن عدد الفروع سينخفض بنسبة 20 في المئة بحلول عام 2025. ومن ناحية أخرى، ذكرت وحدة المعلومات في مجلة “إيكونوميست” أن أقل قليلاً من ثلثي المسؤولين التنفيذيين في المصارف، أو 65 في المئة منهم، يعتقدون أن النموذج المستند إلى الفروع سوف “يموت” في غضون خمس سنوات.

وكلما كشف عن إغلاقات مخطط لها في المملكة المتحدة، سارع المصرف المعني إلى الإشارة إلى توفر مكتب البريد المحلي للخدمات المصرفية الأساسية. وهذا كله طيب وجيد – باستثناء أن مكاتب البريد تغلق أبوابها هي أيضاً.

والأمر ينم أيضاً عن موقف عرضي ورافض تجاه المستهلك: لقد اختفى مصرف يمكن تعريفه كمصرف، والآن يقولون لنا أن نصطف مع أشخاص يحملون طروداً يجب وزنها وختمها، وذلك في الأغلب خلف إحدى وكالات بيع الصحف، والذي يحتمل أن يكون مزدحماً. وإذا كان مكتب البريد في حيي مؤشراً، فهو منزوي في فرع لمتجر محلي ولا تفتح فيه على الإطلاق سوى نافذة واحدة من النوافذ الثلاث. وفي الفترة التي تسبق عيد الميلاد، تمتد الطوابير عبر المتجر وإلى الرصيف.

مثل الطواحين الميكانيكية التي لا تكل، تفشل المصارف بكل حزم في السماح للمشاعر بالتأثير في عملية اتخاذ القرار. يستخدم عدد متناقص من الناس الفروع المادية، بالتالي تعد هذه الفروع أصولاً متدهورة، ولا بد من إنهائها.

ومما لا شك فيه أن أعداداً متزايدة من الناس تتحول إلى العمل المصرفي عبر الإنترنت، مثلما يتحولون إلى الإنترنت لتلبية احتياجاتهم على صعيد التسوق، لا يزال ثمة طلب على العمل المصرفي التقليدي. من المستحيل إجراء إيداع نقدي رقمياً أو الحصول على نقد أجنبي. وعلى نحو مماثل، إذا كان بعض الناس لديهم استفسار حول حسابهم، يفضلون أن يقوموا بذلك مع شخص حقيقي، وليس مع صوت مؤتمت يبدو روبوتياً في مركز اتصال بعيد.

تبذل المصارف قصارى جهدها لتحذيرنا من الوقوع في فخ تصديق صحة الرسالة النصية أو الرسالة الإلكترونية أو الشخص في طرف المكالمة الهاتفية الذي يطلب تفاصيل مصرفية، وعليه، لا يمكنها بعد ذلك أن تدير ظهرها وتقول إن المرء لا يستطيع توقع رؤية موظف حقيقي ومناقشة شؤونه معه.

يجب حصول تنازل ما. من الواضح أن المصارف لن يحرفها شيء عن مسارها الخاص بإغلاقات الفروع. ولن يقنعها أي مستوى من الإقناع بتغيير الاتجاه، لكن في شكل مماثل يجب أن تقر وأن تجبر على أن تقر بأن الفرع المادي ضرورة لعديد من الأشخاص.

بيد أن الإبقاء على بعض المصارف مفتوحة ليس الحل. والقول للعميل إنه في المستقبل يستطيع أن يزور أقرب مكتب بريد، أو فرع يقع على بعد مسافة طويلة، لا يحل المشكلة.

هناك حل، وهو مصرف المجتمع المحلي. كانت هناك “حملة للخدمات المصرفية المجتمعية المحلية”، بدأها ديريك فرنش، وهو مسؤول تنفيذي مصرفي سابق، لتقديم مراكز مصرفية مشتركة. وكانت الفكرة أن المباني نفسها والموظفين أنفسهم سيخدمون علامات تجارية مصرفية مختلفة. من يريد أن يدفع شيكاً إلى “لويدز”، يملأ نموذج “لويدز”، من يرغب في إيداع نقود في “باركليز”، يملأ قسيمة “باركليز”.

وتلاشى توجه فرنش قبل عدة سنوات، عندما كانت الإغلاقات لا تزال في مهدها. ومنذ ذلك الحين، تسارعت وتيرة الإغلاقات وحان الوقت لإعادة النظر في المخطط أو ما شابهه.

وتقسم الكلفة التشغيل بين المصارف. ويمكن توفير غرف اجتماعات مخصصة لموظفيها إذا رغب شخص ما في مناقشة طلب لرهن عقاري، مثلاً. ويمكن توفير خطوط هاتف مخصصة لكل من المصارف المشتركة وحوامل لمنشوراتها ومعلوماتها الترويجية التي تعزز سلسلة خدماتها.

لن يهمني، مثلاً، لو كان عليّ أن أودع نقوداً في حسابي وفعلت ذلك عن طريق مصرف آخر أو منشأة مشتركة. إن الشخص الذي يأخذ المال هو من أريد أن أراه، إن الثقة والطمأنينة اللتين يمنحهما العمل المصرفي والمشاركة الماديين هما ما أرغب فيه.

ويتعين على هيئات مراقبة قطاع المال والمستهلكين، والنواب، تفحص هذا الاقتراح، ولا بد من تحدي المصارف فيما يتعلق بالأسباب التي قد تؤدي إلى عدم نجاحه. من فضلكم، لا مراوغة وأعذاراً غير ذات صلة. يتعين علينا أن ننقذ مصارفنا.

المصدر إندبندنت عربية -كريس بلاكْهَيرْست

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إنخفاض جيد بتحديث اسعار المحروقات اليوم في لبنان

أسعار المحروقات في لبنان اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *