قوة الدولار أحدثت فوضى عالمية.. هل يتم كسره؟

نشرت مجلة “بلومبيرغ” الأمريكية تقريرًا، تحدثت فيه عن تداعيات ارتفاع قيمة الدولار بسرعة مع الزيادات التي فرضها الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة في ظل الخوف من الركود العالمي.

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته “عربي21″، إن ارتفاع سعر الدولار نتيجة ترفيع الاحتياطي الفيدرالي في أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، يوم الأربعاء، خلّف وراءه سلسلة من المشاكل مثل ارتفاع تكلفة واردات الغذاء وتفاقم الفقر في معظم أنحاء العالم، بالإضافة إلى زيادة التخلف عن سداد الديون، وإسقاط الحكومة في سيريلانكا، وتراكم الخسائر على مستثمري الأسهم والسندات.

وفقًا لبعض المؤشرات، فإن الدولار يقف الآن عند أعلى مستوى له على الإطلاق، بعد أن زادت قيمته بنسبة 15 في المئة مقابل سلة من العملات منذ منتصف سنة 2021. ومع إصرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي على الاستمرار في الترفيع في أسعار الفائدة لكبح التضخم -حتى لو كان ذلك يعني إغراق الولايات المتحدة والاقتصادات العالمية في الركود- لا يرى معظم مراقبي العملات أملا في كبح ارتفاعه.

كل هذا يذكرنا بحملة مكافحة التضخم التي قادها بول فولكر في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وهذا هو سبب تزايد الحديث حول إمكانية إعادة اتفاقية بلازا، وهي الاتفاقية التي توصل إليها صانعو السياسة الدوليون لكبح جماح الدولار وخفضه بشكل مصطنع في ذلك الوقت. وقد تبدو صفقة مماثلة وكأنها فرصة طويلة الأجل في الوقت الحالي، ولكن مع بعض بيانات السوق التي تشير إلى أن الدولار يمكن أن يصل بسهولة إلى نفس القيمة مرة أخرى، ما من شأنه زعزعة النظام المالي العالمي، فإنها مجرد مسألة وقت، قبل أن تصبح هذه الفرضية حديث الساعة.

نقلت المجلة عن فيشنو فاراثان، رئيس قسم الاقتصاد والدراسات الاستراتيجية في بنك ميزوهو في سنغافورة، قوله إنه “لا يوجد مصدر خطر يمكن أن يلحق الضرر بقوة الدولار على الفور مع إعاقة منطقة اليورو الحرب في أوكرانيا ونمو الصين غير المؤكد. وببساطة، لا يوجد بديل للدولار، ما يضر بكل شيء من الاقتصادات والعملات الأخرى إلى أرباح الشركات”.

لا يمكن إنكار الأثر الذي خلفه الصعود السريع للدولار في الحياة اليومية حول العالم؛ لأنه وسيلة لتسهيل التجارة العالمية من خلال تسعير 40 في المئة تقريبًا من إجمالي المبادلات التجارية العالمية السنوية بالدولار.

أوضحت المجلة أن الطلب على الدولار كان مرتفعًا لسبب بسيط، وهو بحث المستثمرين عن ملاذ آمن عندما تفشل السيطرة على الأسواق العالمية. وحسب بنك التسويات الدولية، فإن هذا الملاذ هو الدولار الأمريكي. ولا يزال حجم وقوة الاقتصاد الأمريكي لا مثيل لهما، ولا تزال سندات الخزانة واحدة من أكثر الطرق أمانًا لتخزين الأموال، حيث يحظى الدولار بنصيب الأسد من احتياطيات النقد الأجنبي.

تكشف بعض مؤشرات الدولار الأعلى عن قدرته على الارتفاع أكثر. وبينما سجّل مؤشر بلومبريغ للدولار رقماً قياسياً هذا الشهر، فإنه لا يتم قياسه إلا من نهاية سنة 2004. ولا يزال أداء مؤشر الدولار الأمريكي “أي سي إي” أقل بكثير من المستويات المسجلة في الثمانينيات، مقارنةً بأداء أقرانه المتقدمين. وسوف تتطلب عودته إلى الذروة تسجيل ارتفاع بنسبة 54 في المئة، كما حدث في سنة 1985.

ونقلت المجلة عن بريندان ماكينا، المحلل الاستراتيجي في شركة الخدمات المالية “ويلز فارغو سيكيوريتيز” في نيويورك، أن الظروف مختلفة هذه المرة، فقوة الدولار غير واضحة -على الأقل حتى الآن- وينبغي على بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة في وقت ما من العام المقبل عندما يستقر الاقتصاد، ما يخفف الضغط على الدولار. وأضاف أن “العمل المنسق لخفض قيمة الدولار ودعم عملات مجموعة العشر ربما لا يمثل أولوية كبيرة في هذه المرحلة”.

في الأثناء، تعاني العديد من عملات الاقتصادات الكبيرة مع تراجع اليورو وانخفاض قيمة الين الياباني إلى أدنى مستوى له في 24 عامًا. وبالنسبة للعديد من الأسواق الناشئة، كان الضرر أسوأ، إذ انخفضت قيمة الروبية الهندية والبيزو التشيلي والروبية السريلانكية بشكل قياسي هذه السنة، رغم الجهود التي تبذلها بعض البنوك المركزية لمحاولة إبطاء الانخفاض.

اشترت السلطة النقدية في هونغ كونغ الدولارات المحلية بوتيرة قياسية للحفاظ على قيمة العملة، بينما قدم البنك المركزي التشيلي دعما بقيمة 25 مليار دولار، بعد أن تراجعت قيمة البيزو بأكثر من 20 بالمئة في خمسة أسابيع.

أكدت المجلة أن الدولار القوي يعزز أرباح منتجي النفط ومصدري المواد الخام، وكذلك الشركات الدولية مثل “تويوتا”، التي تحقق جزءًا كبيرًا من أرباحها في الولايات المتحدة، بينما يضر بأي شخص آخر تقريبًا، على غرار الشركات التقنية العملاقة التي تعيد جزءًا من أرباحها العالمية إلى الولايات المتحدة، والتي تلقت ضربة قوية. وقالت شركة “مايكروسوفت” إن ارتفاع الدولار يؤدي إلى تآكل أرباحها، في حين ألقت شركة “آي بي إم” باللوم على ارتفاع قيمة الدولار في ظل استمرار ضغط التدفق النقدي.

سبق أن ارتفعت قيمة الدولار سابقًا، كما حدث في سنة 2016 أو 2018، عندما سعى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية، لكن أحدث البيانات تشير إلى أن التضخم في الولايات المتحدة بلغ أعلى مستوى له منذ أربعة عقود، ما يعني أن هناك مجال مناورة أقل أمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

انتعاش الدولار

في مواجهة ارتفاع الأسعار، وتشدد بنك الاحتياطي الفيدرالي وخطر الركود العالمي، انتعش الدولار. وفقًا لفكرة تم تبنيها على نطاق واسع صاغها خبير العملات السابق في مؤسسة مورغان ستانلي، ستيفن جين، فإن قيمة العملة ترتفع في حالتين متطرفتين للاقتصاد الأمريكي: إما في حالة ركود عميق أو نمو قوي ثم يضعف في المنتصف خلال فترات النمو المعتدل.

يعتقد جاريت ميلسون من شركة “ناتيكسيس” لإدارة الأصول أن انتعاش الدولار هذه المرة قد يكون أكثر قتامة قليلاً. وكتب ميلسون في مذكرة: “لقد شهدت القوى هذه السنة حقًا انتعاش الدولار مرة أخرى فيما يشبه حلقة مفرغة”. وهو يوضح: “يعتبر النمو في الولايات المتحدة أكثر قوة نسبيًا، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الدولار، وبالتالي الضغط على الاقتصاد العالمي، ما يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الدولار والأصول الأمريكية باعتبارها ملاذا آمنا”.

والسؤال المطروح: ما الذي يمكن أن يكسر هذه الحلقة المفرغة من انتعاش الدولار؟ يقوم المستثمرون من سنغافورة إلى نيويورك بوضع نظريات حول محفزات هذا الانتعاش مثل التباطؤ، وتحديد متى سيتوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الترفيع في أسعار الفائدة، أو متى سينتعش النمو الاقتصادي الصيني. لكن من غير الواضح متى سيحدث أي منها.

ذكرت المجلة أن مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفع إلى أعلى مستوى له، وبلغ نسبة 9.1 بالمئة في حزيران/ يونيو، ولم يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بهذه السرعة منذ منتصف التسعينات. منذ ذلك الحين، تغير الاقتصاد العالمي بشكل كبير. وعلى امتداد ثلاثة عقود، أدى صعود الصين الصناعي إلى الحد من أسعار ملايين المنتجات المصنعة، حتى مع ارتفاع تكاليف المواد الخام. وعندما بدأ عرض الأمة الآسيوية للعمالة الرخيصة ورأس المال في النضوب أخيرًا، بدأت ضغوط الأسعار تتراكم مرة أخرى.

وأوردت المجلة أن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والوباء، وغزو بوتين لأوكرانيا، أدت جميعها إلى زعزعة استقرار نظام التجارة العالمي المتوازن، وتسببت في ارتفاع أسعار الطاقة. وفي ظل استمرار تشبث ثاني أكبر اقتصاد في العالم بسياسة “صفر كوفيد”، حتى على حساب نمو أبطأ، فإن العودة إلى الوضع الطبيعي تبدو بعيدة المنال.

ومع تفاقم حالة عدم اليقين، ليس أمام البنوك المركزية من أستراليا إلى كندا خيار سوى اتباع الولايات المتحدة، وزيادة تكاليف الاقتراض لمكافحة التضخم. ودون مزيد من الوضوح حول موعد انتهاء هذه الدورة، فإن بعض المستثمرين غير مستعدين للمراهنة ضد العملة الأمريكية حتى الآن.

عربي 21

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

سعر الذهب اليوم، أسعار الذهب، توقعات أسعار الذهب، تحليل الذهب اليوم، سعر جرام الذهب، أسعار الذهب في السوق، تداول الذهب، استثمار الذهب، سعر الذهب في مصر، سعر الذهب في السعودية، سعر الذهب في الخليج، أخبار الذهب، الذهب مقابل الدولار، أسعار الذهب العالمية، أسعار الذهب الفورية، شراء الذهب، بيع الذهب، سعر الذهب عيار 21، سعر الذهب عيار 24، سعر الذهب اليوم في البورصة، أسعار الذهب في الأسواق العالمية، استراتيجيات الاستثمار في الذهب، تحليل أسعار الذهب، أسعار الذهب في البورصة العالمية، مؤشر أسعار الذهب، توقعات الذهب، الذهب في السوق العالمية، أسباب ارتفاع أسعار الذهب، استقرار أسعار الذهب، سعر الذهب في السوق اليوم، الذهب عيار 18، أسعار الذهب والفضة، تجارة الذهب، الذهب الملاذ الآمن، شراء الذهب عبر الإنترنت، سعر الأونصة الذهب، أسعار الذهب في محلات الصاغة، أسعار الذهب في البورصة المصرية، تحليل فني لسعر الذهب، اتجاهات أسعار الذهب، سعر الذهب في دبي، سعر الذهب في الكويت، توقعات أسعار الذهب في 2024، أسباب انخفاض سعر الذهب، العوامل المؤثرة على أسعار الذهب، تداول الذهب عبر الإنترنت، سوق الذهب اليوم، الذهب عيار 14، أسعار الذهب التاريخية، أسعار الذهب اليوم بالدولار، تحليل أسواق الذهب، شراء الذهب كاستثمار، أفضل وقت لشراء الذهب، توقعات الذهب المستقبلية، أسعار سبائك الذهب، سعر كيلو الذهب، سعر الذهب في لندن، أخبار أسعار الذهب، اتجاه الذهب اليوم، أسعار الذهب في الهند، توقعات أسعار الذهب العالمية، أفضل شركات تداول الذهب، تداول الذهب في البورصة، التداول الإلكتروني للذهب، سعر الذهب في السوق السوداء، أسعار الذهب في محلات المجوهرات، التغيرات في أسعار الذهب، استراتيجيات تداول الذهب، سعر الذهب عيار 22، مستقبل سعر الذهب، أسعار الذهب اليوم في مصر، أسعار الذهب في الشرق الأوسط، مؤشرات أسعار الذهب، شراء الذهب في الخليج، سعر الذهب في السوق العالمية، اتجاه أسعار الذهب، تحديث أسعار الذهب اليوم، توقعات الذهب في 2024، استثمار الذهب في البنوك، سعر الذهب في السوق السعودية، سعر الذهب في مصر الآن، أسعار الذهب في الصين، الذهب والاقتصاد العالمي، تحليل سوق الذهب العالمي، استثمار الذهب في البورصة، سعر الذهب في الأسواق الناشئة، أسعار الذهب في قطر، سعر الذهب اليوم في الأردن، توقعات أسعار الذهب اليومية، سعر الذهب في السوق المصرية، أسعار الذهب في الأسواق الخليجية، سعر الذهب اليوم في الجزائر، تجارة الذهب في الشرق الأوسط، سعر الذهب اليوم في الإمارات، سعر الذهب في السوق العمانية، تحديثات سوق الذهب، التحليل الفني للذهب، سعر الذهب في السوق العراقية، تأثير أسعار الذهب على الاقتصاد، سعر الذهب اليوم في السوق السوداء، gold price today، gold prices، gold price forecast، gold analysis، gold investment، gold trading، current gold price، gold rate، gold price in USA، gold market، gold price per gram، buy gold online، sell gold، gold price per ounce، gold price per kilo، gold futures، gold ETF، gold price news، gold price live، gold price in Europe، gold price prediction، gold rate today، best gold investment، gold market trends، gold price historical، gold spot price، gold price updates، gold bullion price، gold vs dollar، gold price in Asia، global gold prices، gold market analysis، gold investment strategies، online gold trading، gold price in Middle East، future of gold prices، gold price in London، gold price trends، gold market updates، gold price in the stock market، gold price in China، impact of gold prices on the economy، gold price in emerging markets، global gold market، gold price fluctuations، gold price predictions 2024، gold price in UAE، gold price in India، gold price today USA، investing in gold ETFs، physical gold investment، trading gold futures، price of gold per gram today، buy gold as an investment، current price of gold per gram، buy gold bars، gold price chart، gold market price، gold price in Saudi Arabia، gold price in Dubai، price of gold in GCC، global impact of gold prices، real-time gold prices،أسعار الذهب, Gold prices, توقعات أسعار الذهب, Gold price forecast, ارتفاع الذهب, Gold increase, الذهب والعوائد, Gold yields, تداول الذهب, Gold trading, بيانات التضخم الأمريكية, US inflation data, تأثير الدولار على الذهب, Dollar impact on gold, أسعار الذهب اليوم, Gold prices today, تحليل أسعار الذهب, Gold price analysis, استثمار الذهب, Investing in gold, الذهب كملاذ آمن, Gold as a safe haven, العقود الآجلة للذهب, Gold futures contracts, أسعار المعادن النفيسة,

إرتفاع صاروخي جديد بتحديث اسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للذهب لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *