السبت, مايو 18, 2024
الرئيسيةإقتصادالمدرسة والدولار… والموازنة الشفافة

المدرسة والدولار… والموازنة الشفافة

المدرسة مظلومة، المعلم مظلوم، والأهل مظلومون، في بلد مثل لبنان، لكن المهم ألّا يحط الظلم أوزاره على التلميذ، على هذا الولد الذي يرسم المستقبل.

قد لا تكون كل المدارس واقعة تحت الظلم، إذ منها قسم تجاري محض يبغي الربح الفاحش. وقد تكون مدارس كثيرة وكبيرة حقّقت أرباحاً باهظة في زمن غابر، لكنها اليوم باتت ضحيّة الانهيار المالي كما كل المؤسسات.

قبل أيام دخلت في جدل مع إحدى المعلمات التي كانت تقول “إذا لم تكن المدرسة قادرة على سداد قسم من رواتبنا بالدولار، فنحن لن نعود الى الصفوف في أيلول، ولتقفل المدارس”. أفهم معاناتها وعائلتها، إذ إن زوجها المعيل معلم أيضاً، وقد باتا غير قادرين على تلبية حاجات أسرتهما.

لكن إقفال مدرسة يعني أيضاً، تهديد لبنان الرسالة، رسالة التعليم والتربية والثقافة. ويعني أيضاً طرد، أو التخلي، عن عشرات المعلمين والموظفين الإداريين، ويعني أيضاً تشريد مئات من التلامذة، و”تعتير” عشرات العائلات.

واردات المدارس غير قادرة على سداد متوجبات بالدولار، إلا إذا رفعت الأقساط وزادت على عبء الأهالي عبئاً، ما يحرج غير القادرين منهم، ويدفعهم الى نقل أبنائهم الى مؤسسات أقلّ تكلفة، مع ما يسبّب ذلك من مشاكل نفسية واجتماعية. وهجر غير المقتدرين المدارس، يعني إبقاءها للأكثر غنى، وتعميق هوّة التمييز الطبقي في المجتمع.

وعدم إعطاء المعلمين أيّ زيادة، يعني هجرهم التعليم الى وظائف أخرى، أو قيامهم بواجب الحد الأدنى الذي يؤدّي الى تراجع المستوى.

الكلّ على حق، من الأهالي، والمعلمين، وإدارات المدارس. لكن المؤسسات دائماً أقدر من الأفراد على مواجهة الأعباء لأنها قادرة على جذب التبرّعات والمساعدات، من الداخل والخارج، من دون أن تتحوّل الى التسوّل كما الأفراد، فتوصم بالعار. والمدارس بدأت تتلقى مساعدات ومعونات كبيرة، مكّنتها حتى اليوم من الصمود، من دون أن تسدّ حاجتها، أو أن توفّر لها وفراً في موازناتها المضاعفة شهراً بعد شهر.

وإن كان اتهام المدارس بالسرقة والنهب والتجارة، افتراءً، غير مبنيّ على أرقام ومنطق، فإن إدارات المدارس أيضاً مطالبة بشفافية طالما غابت عنها. فالقانون 515 يحدّد الأقساط، ويوازي بين الرواتب وأعمال الصيانة والمصاريف الأخرى، ويترك هامشاً ضيّقاً للربح. وهو هامش كان مقبولاً رغم أن مدارس كثيرة كانت تحتال على القانون، وتدخل مصاريف قرطاسية وملابس وتنقلات وغيرها عليه.

اليوم، على مكوّنات المجتمع اللبناني المقيم والمغترب، أن توفر دعماً للمدرسة كي تبقى منارة للبنان، وموئلاً للتربية الرفيعة المستوى، ومكاناً آمناً للأولاد، وأن يتعاون الأهل لسداد ما يجب عليهم، مع أخذ إدارات المدارس في الاعتبار، استحالة البعض توفير الدولارات المضافة على الأقساط، لكي تبقي على رسالتها.

في المقابل لا يمكن لإدارات المدارس أن تخفي أرقامها، أو أن تفخّخها، أو أن تحجم عن إدخال منح وهبات عليها، وأن توزعها كما تشاء، من دون مراعاة القانون، ومن دون إشراك لجان الأهل، والمعلمين، معها في التفكير والبحث والقرار، لأن التضامن مع المدرسة لا يعني شيكاً على بياض، وعدم خضوع المدارس للتدقيق المالي من شركات متخصّصة.

إصلاح المجتمع، والدولة، يبدأ من الخلايا الأصغر في العائلة والمدرسة. والمدرسة التي تنشئ على القيم، يجب أن تكون شاهدة عليها.

مع المدارس بموازناتها وحساباتها الشفّافة.

Ads Here




مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

الأكثر شهرة

Translate »