Saad Rafic El Hariri 999999874897456987649786433333
Saad Rafic El Hariri 999999874897456987649786433333

14 شباط 2022: الحريريّة بلا الحريري؟

بعد أيام قليلة تحلّ ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري السابعة عشرة. مناسبة يفترض بها أن تشكّل عنواناً لقراءة التحوّلات التي عصفت بلبنان، فأحالته كياناً هشّاً مشرفاً على الدخول في غياهب الزمن.

تحلّ الذكرى بعد إعلان نجله ووريثه السياسي سعد الحريري تعليق عمله السياسي، والعزوف عن الترشّح إلى الانتخابات النيابية. فيما النجل الأكبر بهاء يطمح إلى إثبات حضوره السياسي وهو الغائب كشبح، الطامح بلا مشروع، فيحيل مشروع والده إلى صراع على إرث يتبدّد.

في الوسط، لبنانيون آمنوا برفيق الحريري ومشروعه، ينتظرون أملاً متخيّلاً، وجشعون ينتظرون الذكرى لينهشوا منها ما قد يتحدّد من مواقف سياسية يشرعون على أساسها في بناء مشاريع ضيّقة أقصى طموحها الدخول إلى الندوة النيابية باسم رفيق الحريري.

لم يكن أحد على قدر رفيق الحريري، بغضّ النظر عن الاتفاق معه أو الاختلاف.

لكنّ الذكرى تحلّ وسط تساؤلات تافهة عن المصير: هل يعود سعد ليحييها في لبنان؟ هل يكون له موقف؟ ماذا عن بهاء؟ وماذا سيعلن؟ بذلك يتحوّل رفيق الحريري إلى ما يشبه صاحب شركة يتصارع أبناؤه في سبيل تقسيمها مع الأخذ في الاعتبار الحاضر دائماً والغائب منهم. وهذا أكبر الدلائل على أنّ هؤلاء لا يعرفون والدهم ولا مشروعه.

كان الحريري صاحب مشروع تكامليّ بين السياسة والاقتصاد. بعيداً عن أيّ فعل أيديولوجي. كلّ فكرته كانت ترتكز على ثلاثة شروط:

الأوّل، انتساب لبنان إلى النظام الاقتصادي العالمي، والقائم على الليبرالية والرأسمالية.

الثاني، انتصار الديمقراطية وتكريسها وحمايتها من خلال الدستور الذي صدر عن اتفاق الطائف، وكرّس اعتناق الديمقراطية ومدنيّة الدستور.

الثالث، مشروع السلام في الشرق الأوسط للخروج من الانقسامات على مشروع لبنان: هل يكون حياديّاً أم يكون دولة مواجهة؟

باغتيال رفيق الحريري تمّ إعدام هذه الشروط، إذ انتهت الديمقراطية والليبرالية، ولم يعد هناك مشروع اقتصادي، ولم يعد لبنان قادراً على النجاة من الصراعات الإقليمية.

أمّا بعد كلّ هذه السنوات، فقد تحوّل لبنان في حقبته الحالية إلى كيان “زومبي”، حيّ وميّت في آنٍ معاً. فلم يعد يشبه فكرته على الإطلاق.

تاريخيّاً، ساهم رياض الصلح في جعل الحلم الماروني ذا مشروعيّة إسلامية محليّة وعربية، فأعطى البعد الوطني لهذا الكيان الفريد.

أصل فكرة لبنان الكبير هو “التنوّع”. وكانت تقوم هذه الفكرة على توسعة جبل لبنان الماروني، ليصبح كياناً وطنيّاً، ويخرج من منطق الغيتو الطائفي، فيصبح بذلك قابلاً للحياة.

ثم جاء رفيق الحريري الذي أعاد الحياة إلى هذا المشروع بعد الحرب الطاحنة والمدمّرة. واغتيال الحريري انطوى، وبدون مبالغة، على محاولة إعدام الكيان اللبناني، الذي أصبح من المستحيل أن تقوم له قيامة في ظلّ التحوّلات التي عصفت به، والانهيار الذي بلغه.

لم يكن سعد الحريري صلباً بما فيه الكفاية للتمسّك بأساسيّات سياسة رفيق الحريري وثوابتها. أمّا بقيّة الأبناء فلا يفقهون في السياسة شيئاً وليست لديهم أيّ سعة إدراك أو اهتمام بمشروع والدهم. وحده سعد الحريري الذي كان مدركاً، لكنّ الظروف عاكسته، بفعل مكائد ومؤامرات تعرّض لها، وأخطاء وقع فيها. أمّا الشقيقة بهيّة فحدودها صيدا، من حدود الأوّلي إلى مشارف جزّين.

لذلك فالصراعات التي تأخذ طابعاً عائلياً أو ما يسمّى “صراع الأخوة” على الإرث أو العرش أو الطمع والجشع السياسيين، لا تعني إلا فكرة واحدة، وهي المضيّ قدماً في تبديد الماضي الجميل، وتمزيق المشروع انطلاقاً من عدم إدراك جوهره وحقيقته.

لم يكن رفيق الحريري رجل سياسة، بل صاحب مشروع، ارتكز على التوازن بين وقائع الداخل والخارج، ومنها نسج خيوطاً أسّست لقواعد لبنان الازدهار والإعمار.

لبنان حالياً بحاجة إلى مشروع مماثل، لا إلى اقتتال على التركة. وهذا اللبنان لا يمكنه أن يعيش ويستمرّ بدون السُنّة لأنّهم القوة البشرية والديمغرافية، وأصحاب رأس المال والمشروع، وذوو الامتداد العربي.

عايشت الشعوب حقبات انحطاط. وهو واقع مَعيش اليوم في لبنان توهّم خلاله قيادات حزب الله أنّهم قادرون على تغيير المعادلات في العالم العربي ككلّ. وتوهّم معهم بعض المسيحيين، عندما تبنّوا مشاريع الأقلّيات والتحالفات المشرقية.

لكنّها طفرة تنتج عن سكرة لاواعية أسهمت في تدمير هذا الكيان ومكوّناته.

لم يدخل السُنّة في تلك المشاريع الانتحارية، لكنّ مهمّتهم التأسيس والإعداد لمشروع أوسع وأكبر، بانتظار الخروج من عصر الانحطاط، واستفاقة السكارى من سكرات موتهم.

في هذا الوقت، تبدو الحريرية السياسية بلا حريريين. سعد “عازف”، وبهاء “غامض” رغم النيّات والتحضيرات، وبهية ملتزمة بقرار سعد، والقيادات المستقبلية تبحث عن “طريق” الترشّح دون الاصطدام بقرار “الغائب”.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

News, international, international scopes, intscopes, scopes, middle east news, latest news of Lebanon, news in Lebanon, news in Lebanon now, news of Lebanon, Lebanon, Lebanon News, Lebanon news today, Lebanon news now, Lebanon government news, Lebanon elections, Lebanon security situation, Lebanese banks, Lebanon economic crisis, Lebanon political crisis, Lebanon currency exchange rate, أخبار لبنان اليوم، اخبار لبنان اليوم عاجل، اخر اخبار لبنان، Lebanon today news, أخبار الحكومة اللبنانية، الوضع الأمني في لبنان، الأزمة السياسية في لبنان، Lebanon government news, Lebanon elections, Lebanon security situation, Lebanon political crisis, سعر صرف الدولار في لبنان، المصارف اللبنانية، الوضع الاقتصادي في لبنان، Lebanon currency exchange rate, Lebanese banks, Lebanon economic crisis, سكوبات، سكوبات عالمية، عالمية, int, int scopes, international, Lebanon, أخبار، أخبار لبنان، اخبار، اخبار Lebanon daily news,لبنان,حسن نصر الله, حزب الله, مراسم تشييع نصر الله, تشييع الشهيدين, حسن نصر الله 2025, 23 شباط 2025, الشيخ علي ضاهر, الشيخ نعيم قاسم, مدينة الرئيس كميل شمعون, الوفاء للعهود, "أنا على العهد", شعارات حزب الله, الحشود العالمية, مشاركة دولية في التشييع, القيم والمبادئ في حزب الله, تاريخ حزب الله, Hassan Nasrallah, Hezbollah, Nasrallah's funeral, Hezbollah funeral ceremony, February 23 2025, Sheikh Ali Dahar, Sheikh Naeem Qassem, Kamal Shammoun Sports City, Hezbollah commitment, "I Am on the Covenant" slogan, Hezbollah principles, global participation, Nasrallah legacy, international funeral participation

خرق أمني أم ادعاء إعلامي؟ صحافيّ إسرائيلي يزعم زيارة قبر نصرالله في الضاحية برفقة “مُرشد لبناني”!

تفاصيل الرحلة “السرية” كما رواها الإعلام الإسرائيلي نشر موقع “ynet” تفاصيل جولة الصحافي يتسحاق هورويتز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *