أسباب المنحى التصاعدي للدولار

ارتفع سعر صرف الدولار بما لا يقل عن نسبة 15 في المئة خلال أيام، رفع معه أسعار كافة السلع. فاقم حال الفوضى القائمة أصلاً، وعزز شعور اللاثقة التي تستحكم بالمواطن اللبناني، منتجاً كان أو مستهلكاً. والسؤال الحاضر على كل لسان هو لماذا ارتفع سعر صرف الدولار بشكل مفاجئ وسريع، أو بالأحرى لماذا عاود سعر الصرف ارتفاعه؟ لا شك إن هذا السؤال مشروع وقد يكون مبرّراً أيضاً. لكن السؤال الأكثر دقة في هذه المرحلة، هو لماذا انخفض الدولار الشهر الفائت، وليس: لماذا ارتفع اليوم؟

فبالنظر إلى الظروف الراهنة والأزمات المتراكمة منذ قرابة العامين من دون انقطاع، بات من غير المُرتقب أن ينتج تحسّناً بأي مؤشر مالي أو نقدي. وليس سعر صرف العملة سوى انعكاس يومي لتلك الحال. فلا عوامل إيجابية على الإطلاق من شأنها أن تبث الهدوء في الأسواق، وتعزز الثقة وتنهض بالعملة الوطنية، باستثناء عامل واحد ظرفي تمثل بتشكيل الحكومة ومنحها الثقة. من هنا أصبح ارتفاع سعر الصرف هو القاعدة وانخفاضه هو الاستثناء.

أما مفعول المؤشر الإيجابي اليتيم وإن كان مؤشراً نظرياً، فقد انتهى من دون شك، مع تحسّس المواطن اللبناني تباطؤ وتيرة عمل الحكومة، وإخفاقها في حماية الفقراء وذوي المداخيل المحدودة من تبعات رفع الدعم على قدرتهم الشرائية شبه المنعدمة، ناهيك عن مشهد اللادولة الذي رسّخته الأحداث الدامية في الطيونة ومحيط العدلية يوم الخميس 14 تشرين الأول، التي سقط فيها ست ضحايا وعشرات الجرحى. باختصار، لا دافع حالياً على الإطلاق من شأنه أن يشجع المواطنين على إدخار الليرة اللبنانية وعدم التهافت على الدولار، باعتباره الملاذ الأكثر أماناً.

تسعير دولار OMT

 

وليس تفصيلاً إعلان شركة تحويل الأموال OMT إمكان تصريف حوالات الدولار الواردة من الخارج إختيارياً وبسعر صرف السوق، كما ليس بالأمر العابر تذكير الشركة وتشديدها على أن شراء الدولارات من المواطنين، وإن تم باختيارهم، فإنه سيتم لصالح مصرف لبنان، بمعنى أن الدولارات المنوي شراؤها سيتم تحويلها إلى مصرف لبنان لتعزيز احتياطاته. إذاً، كيف يتم تسعير الدولار الوارد عبر OMT؟ ومن يسعره؟ وهل لذلك تأثير على سعر صرف الدولار في السوق السوداء؟

ليست OMT من يحدّد سعر صرف الدولار الذي يتم شراؤه من الزبون صاحب الحوالة، بل هو مصرف لبنان، على ما يؤكد مصدر من شركة OMT في حديث لـ”المدن”. فثمة قسم لدى الشركة مهمته التنسيق يومياً مع مصرف لبنان بشأن سعر الصرف المُعتمد، ويتم شراء الدولارات اليوم الجمعة وفق سعر 20250 ليرة، ما يعني أن مصرف لبنان يتعامل بشكل أو بآخر بدولار لسوق السوداء، وطالما أنه يتدخل شارياً وبأسعار دولار السوق السوداء، فذلك يعني اعترافاً منه بالسعر وإن بشكل غير مباشر. وبالنظر إلى أن المبالغ المحولة عبر OMT وشركات التحويل الأخرى لا تتعدى معدل 120 مليون دولار شهرياً، فإنه من المستبعد بحسب خبراء أن تُحدث تلك المبالغ فارقاً في السوق، أو أن تُمكّن مصرف لبنان من السيطرة وإن نسبياً على سعر الدولار من جهة، وتأمين دولارات الاستيراد من جهة أخرى.

الدولار صعوداً

 

قد لا تساهم عملية شراء مصرف لبنان الدولارات الواردة عبر OMT برفع سعر الصرف، لكنها من دون شك أدخلت عنصراً جديداً إلى الطلب على الدولار. فمصرف لبنان -حسب الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف، سمير حمّود- يتدخل شارياً للدولار كما المستوردين. والسبب أنه لا يزال حتى اليوم ملزماً بتأمين الدولارات للمحروقات والفيول لكهرباء لبنان. من هنا يضطر لشراء الدولارات من السوق بأي سعر ممكن.

ويختصر حمود في حديث إلى “المدن” وضع السوق وارتفاع سعر صرف الدولار، بالقول “الفوضى حالياً هي صفة الأسواق والتسعير، ومهما فعلت السلطات اليوم سيبقى اتجاه الدولار صعوداً، لأن حاجة الناس له متعددة، خصوصاً التجار والمستوردين”. فالأزمة تكمن بين حاجة البلاد للاستيراد لتأمين حاجياته وبين حجم الدولارات الواردة من الخارج. فهي قطعاً غير متوازنة، والحل يبدأ عندما يفتح البلد ويبدأ اقتصاده بالإنتاج.

ويلتقي العديد من خبراء الإقتصاد وأسواق المال مع رأي حمّود، لجهة ترجيح استمرار تصاعد سعر صرف الدولار، وإن بوتيرة متقطعة، ومن بينهم الخبير في أسواق البورصة العالمية جهاد الحكيّم، الذي يعتقد ان ارتفاع سعر صرف الدولار هو نتيجة طبيعية للواقع المالي والنقدي القائم، خصوصاً (وفق الحكيّم) أن “ما يسمى بالاحتياط الإلزامي أو التوظيفات الالزامية ليست متوفرة بالعملة الصعبة إنما على شكل دولار محلي. وهي بعيدة كل البعد عن أن تكون 14 مليار دولار قابلة للإستعمال كما يزعمون ويروّجون، وبالتالي فإن مصرف لبنان كان ولا يزال يشتري الدولارات من الأسواق شأنه شأن المصارف اللبنانية”.

انخفاض “اصطناعي“

ويرى الحكيّم في حديثه إلى “المدن” أن انخفاض الدولار الشهر الفائت كان اصطناعياً ومؤقتاً. عازياً السبب إلى العديد من العوامل، من بينها تعمّد دعم حكومة نجيب ميقاتي وإعطائها جرعة دعم وتفاؤل وبعض الزخم، كذلك لاستيعاب الغضب الشعبي جراء رفع الدعم ما ساهم بتراجع سعر الصرف والتعويض على الشعب حتى ولو ظرفياً بسعر صرف أقل. فقد خففوا مرحلياً من وطأة زيادة أسعار المحروقات ومرت بالتالي بسلام، ناهيك عن استمرار المصارف بصرف الودائع الدولارية عند سعر صرف 3900 ليرة للدولار، وعن شراء الدولار من قبل المصرف المركزي والمصارف بكلفة أقل.

أما استئناف سعر صرف الدولار ارتفاعه فمرده وفق الحكيّم إلى “انه تبيّن أن الحكومة الجديدة كسابقاتها لن تغير الكثير والأزمة إلى مزيد من التفاقم، ولا حلول ملموسة في القريب العاجل. وفي الأفق، كما يبدو، لن تحصل على الدعم الدولي”. أسباب أخرى ساهمت باستئناف سعر صرف الدولار تصاعده، منها أن لا إصلاح للقطاع المصرفي أو تعويض على صغار المودعين أقله، بالإضافة إلى محاولات المنظومة السياسية للانقضاض على كل شيء، حتى القضاء، وبالتالي غياب دولة القانون والمحاسبة. كما لعب عامل عودة المغتربين من لبنان بعد انتهاء الصيف دوراً، وكذلك ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، وانعكاسه مزيداً من خروج الدولارات لاستيراد المحروقات.

خلاصة القول، إن سعر الصرف في لبنان لا يخضع لعوامل اقتصادية ومالية فقط فهو ليس بسوق يتمتع بالكفاءة اللازمة Efficient Market أو حتى قريب منها، وبالتالي لا يمكن تفسير التقلبات الحادة بعوامل مالية واقتصادية بحتة.

أما الثقة فتلعب دوراً أساسياً في تراجع سعر الصرف أو ارتفاعه، ونظراً لحالة الإحباط العامة السائدة في البلد، نتيجة الأزمات المالية والاقتصادية والنقدية ومؤخراً السياسية والأمنية، بات الحديث عن الثقة بعيد المنال

المدن – عزة الحاج حسن

Ads Here


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة Ads …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *