الجمعة, أبريل 26, 2024
الرئيسيةإقتصادارتفاع الدولار ودور المستوردين والصناعيّين والصرّافين و”التأمين” فيه؟

ارتفاع الدولار ودور المستوردين والصناعيّين والصرّافين و”التأمين” فيه؟

- Advertisement -

سركيس نعوم في “النهار”:

- Advertisement -

 

يعتقد كثيرون من اللبنانيّين أنّ الصرّافين هم وراء ارتفاع سعر #الدولار الأميركي بالمقارنة مع عملتهم الوطنيّة. اعتقادهم هذا صحيح جزئيّاً. إذ أنّ عددهم كبير وبعضهم يمتلك رخصاً قانونيّة لممارسة عمله، وبعضهم الآخر ليست لديه رخصاً كهذه إمّا لأنّه لم يطلبها، وإمّا لأنّه لا يحتاج إليها لاكتفائه بحمايته بل حضانته الطائفيّة والمذهبيّة والحزبيّة. وقد ساعد بعمله غير القانوني هذا في إقامة سوق صرف سوداء عصيَّة على المراقبة ومؤذية في آن. إذ أنّ الجهات الرسميّة والأخرى غير الرسميّة من أصحاب المصالح الذين يحتاجون في أعمالهم إلى دولارات تتعاون أو بالأحرى تتواطأ مع صرّافي #السوق السوداء هذه. فعندما يرتفع سعر الدولار على نحو مُخيف مثلما يوم بلغ 15 ألف ليرة لبنانيّة يتّخذ مصرف لبنان والقضاء إجراءات بتوقيف بعض الصرّافين وبختم محلّاتهم بالشمع الأحمر ومنعهم من مزاولة المهنة ولكن إلى حين. وعندما يعود السعر إلى الانخفاض إلى 12 ألف ليرة مثلاً يشعر اللبنانيّون بالسعادة وينسون طبعاً أنّ هذا السعر مرتفع أيضاً بل فاحشٌ قياساً إلى السعر القانوني أي 1500 ليرة. ويعود كلٌّ منهم إلى سيرته المعروفة.

- Advertisement -

 

في أي حال بين الصرّافين المُرخّص لهم وصرّافي السوق السوداء والمصارف أحياناً وصرّافي الطرقات ولا سيّما في المناطق الحدوديّة مع سوريا حيث لا دولة ولا رقابة لا يستطيع أحد أن يُحدِّد عددهم في لبنان. لكنّ من يُتابع أعمالهم يُرجِّح أن يكون ثلثاهم في منطقة البقاع. طبعاً يتسبّب هؤلاء بالكثير من الأذى للمواطنين العاديّين كما لأصحاب المصالح من صناعيّين وتجّار وغيرهم. لكنّهم رغم ذلك ليسوا السبب الرئيسي في الخربطة التي تشهدها الحركة النقديّة في البلاد. فهؤلاء يشترون الدولار بسعر ويبيعونه للمحتاج إليه بسعر أعلى يراوح بين 100 ليرة أو 300 أو 400 أو 500. ويُحقّقون أرباحاً مهمّة. لكنّهم ليسوا سبب ارتفاع سعر العملة الأميركيّة. كما أنّ المواطنين الذين يلعبون بالليرة والدولار (Speculators) سواء من أجل تحقيق ربح يمكّنه من تحمُّل مشقّات الحياة أو من أجل زيادة أموالهم النقديّة التي في منازلهم، وهؤلاء ليسوا أيضاً سبب ارتفاع العملة نفسها. فضلاً عن أنّ المصارف لا تتاجر بلعبة الدولار والليرة كمؤسّسات علماً أن عاملين فيها وبعضهم أصحاب مواقع مُتوسّطة يُمارسون هذا العمل لتحقيق أرباحٍ شخصيّة ولا سيّما مع زبائن مصرفهم بحجّة تلبية حاجاتهم. ويُحقّقون بذلك أرباحاً مُهمّة وأحياناً يغضُّ النظر عن عملهم مسؤولون في مصارفهم كباراً كانوا أو متوسّطي الحجم.

 

 

يقول أصحاب نظريّة تخفيف مسؤوليّة الصرّافين عن ارتفاع الدولار أنّ هؤلاء لا يُحوّلون الدولار أو غيرهم من العملات الأجنبيّة إلى الخارج. أي ليست لهم صلاحيةً للقيام بعمل تختصّ به المصارف. لذلك فإنّ مسؤوليّتهم محدودة. لكنّهم يبقون جزءاً من الشبكة العنكبوتيّة التي تتألّف من المصارف والصرّافين الشرعيّين وغير الشرعيّين والتجّار وغيرهم وربّما من مصرف لبنان أو بعض العاملين فيه بغضّ نظرٍ من حاكمه. أمّا المسؤوليّة الأكبر عن ارتفاع سعر الدولار وليس عن انهيار العملة الوطنيّة في البداية الذي تُسأل عنه دولة لبنان بمؤسّساتها كلّها وفي مقدّمها مجلس الوزراء والمجلس النوّاب ورئاسة الدولة ومصرف لبنان والمصارف الخاصّة وجمعيّتها، أمّا هذه المسؤوليّة فتتوزّع على فئات أربعٍ كبيرة هي التجّار الكبار القابضون على زمام الاستيراد والتصدير وفي مقدمهم اصحاب شركات استيراد المشتقات النفطية، ومُستوردو الأدوية الذين يفوق استيرادهم المليار دولار سنويّاً، والصناعيّون، وشركات التأمين. فالتجّار والمستوردون يشترون بغالبيّتهم مواداً من الخارج وبمبالغ دولاريّة مدعومة من مصرف لبنان غذائيّة وغير غذائيّة ثمّ يبيعون بضاعتهم في لبنان بهامش ربح مرتفع لكنّ العائد والمبلغ الأصلي لا يعاد إلى لبنان بل يبقى في الخارج سواء في شركة أسّسوها هم أو في أماكن أخرى. وبذلك يكونون هرَّبوا أو “حوّلوا” على نحوٍ غير شرعي أموالاً إلى الخارج وامتنعوا عن دفع ضرائب للدولة. أمّا الصناعيّون فإنّهم يُصدّرون إلى الخارج مصنوعات بقيمة 3 مليارات دولار أميركي سنويّاً. لكنّهم لا يُعيدون ولو قسماً صغيراً من ثمنها إلى لبنان بل يتركونه أيضاً خارجاً في شركات باسمهم أو في مصارف يتعاملون معها. والأمر نفسه يفعله مستوردو الأدوية. وأخيراً تقوم شركات التأمين بأعمال مُشابهة مع شركات التأمين الكبرى في الخارج التي يعملون معها بصفة “بروكر”. فهي تدفع لها ما يُسمّى الـ Prime السنوي مُضاعفاً أحياناً فتأخذ ما هو حقٌّ لها منه وتُبقي لوكيلها اللبناني الباقي في حساباتٍ مصرفيّة خاصّة به. وبهذه العمليّات كلّها تخسر الخزينة اللبنانيّة.

 

هل ستُغيِّر المنصّة الرسميّة التي أعلن حاكم مصرف لبنان تأسيسها الأسبوع المقبل من عمليّات التهرُّب هذه، أو هل ستحدُّ من استغلال الصرّافين القانونيّين وصرّافي السوق السوداء وصرّافي البقاع والحدود اللبنانيّة مع سوريا الأوضاع الصعبة لتحقيق أرباحٍ مُهمّة غير عابئة بما يُسبّبه ذلك من إضعاف للعملة الوطنيّة؟ الجواب الذي يُقدّمه اختصاصيّون في النقد والمال والماليّة والمصارف والاقتصاد… يستبعد ذلك. فمعلوماتهم تُشير إلى أنّ خمسة بنوك كبيرة ومُهمّة رفضت الاشتراك في المنصّة. وقد يكون أحد الأسباب عدم الثقة بالدولار وبالقضاء وبقدرة الإجراءات المُتّخذة على الإصلاح، بعدما بدأ تحلُّل مؤسّسات الدولة ولا سيّما التي منها عليها الاعتماد. في النهاية يستطيع من يعتقد من الجهات المذكورة أعلاه أنّ في “الموقف هذا النهار” افتئاتاً أو خطئاً التقدّم لكاتبه بردّ علميّ وموضوعيّ.

– Advertisement –



– Advertisement –


قد يهمك أيضاً

– Advertisement –

مقالات ذات صلة

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الآن الى قناتنا على التلغرام للوظائف

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

أحدث المقالات

Translate »